من جملتها فرسه بشار - وهو فرسه المشهور الذى نجّاه من المعركة على ما هو مذكور في أخباره - وكان لا يجارى؛ فأمر السلطان أن يسابق به الخيل، فجاء سابقا لها كلها، فقام السلطان قائما لما تداخله من العجب.
وأقر السلطان شرف الدولة على بلاده، وأعاد إليه الموصل، وهذا كله مذكور في موضع آخر يليق به، وإنما سقناه هنا لتتصل أخبار آق سنقر التي نحن بصددها.
وكان صاحب قونية وأقصرا وما يتصل بهما من البلاد الرومية الملك سليمان ابن قطلمش - وهو ابن عم السلطان جلال الدولة ملكشاه - فقصد في هذه السنة - أعنى سنة سبع وسبعين وأربعمائة - مدينة أنطاكية وهى بيد الروم - وكان ملكوها سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة -.
وكان صاحبها الفردوس الرومى قد سار عنها إلى بلاد الشام، ورتّب فيها شحنة، - وكان الفردوس سيىء السيرة في رعيته وفى جنده جدا -، وكاتب (سليمان) الشحنة وابن الفردوس. لأن أباه (الفردوس) كان قد حبسه؛ فكاتبهما سليمان ليسلموا البلد إليه، وركب البحر وقصدها في ثلاثمائة فارس، وراجل كثير، ثم خرج من البحر، وسار في جبال وعرة ومضايق شديدة حتى وصل إليها للموعد. فنصب عليها السلاليم باتفاق من الشحنة وابن الفردوس، وصعد السور، واجتمع بالشحنة، ودخل البلد، وذلك في شعبان، فقاتله أهلها، فهزمهم (مرة) بعد أخرى، وقتل كثير من أهلها، ثم عفا عنهم، وتسلم القلعة المعروفة بالقسيّان (١)، وأخذ من الأموال ما يجاوز الإحصاء وأحسن إلى الرعية وعدل فيهم، وأمر بعمارة ما خرّب، ومنع أصحابه من النزول في دورهم ومخالطتهم، وأرسل إلى السلطان جلال الدولة ملكشاه يبشره بذلك.
_________
(١) هكذا ضبطها ياقوت وقال إنها واد ولم يزد.
1 / 14