وأرسل الأمير شرف الدولة [مسلم بن قريش (١)]- صاحب حلب والموصل - إلى الملك سليمان يطلب منه ما كان الفردوس يحمله من المال، ويخوّفه معصية السلطان، فأجابه: «أما الطاعة للسلطان فهى شعارى ودنارى، والخطبة له والسكة في بلادى [٨] وقد كاتبته بما فتح الله على يدى بسعادته من هذا البلد [وأعمال الكفار (١)]، وأما المال الذى كان يحمله صاحب أنطاكية [قبلى (١)] فهو كان كافرا، وكان يحمل جزيته وجزية أصحابه، وأنا بحمد الله مؤمن، ولا أحمل شيئا»، فنهب شرف الدولة بلد أنطاكية، فنهب سليمان بلد حلب؛ ووقعت بينهما فتنة (٢) اقتضت أنهما التقيا في يوم الجمعة الرابع والعشرين من صفر في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة فانهزم شرف الدولة وأصحابه بعد أن قتل بين يديه أربعمائة غلام من أحداث حلب [ثم قتل شرف الدولة مسلم بن قريش في نفس اليوم - الرابع والعشرين من صفر (٣) -].
[ولما قتل شرف الدولة سار سليمان بن قتلمش إلى حلب]، فحصرها إلى خامس ربيع الآخر، فلم يبلغ منها غرضا، فرحل عنها. وكان [سليمان بن قتلمش (٣)]
_________
(١) ما بين الحاصرتين زيادات عن ابن الأثير للايضاح.
(٢) انظر تفاصيل هذه الفتنة في (ابن الاثير: الكامل، ج ١٠، ص ٥٦) فقد تجاوز ابن واصل عنها هنا إيجازا.
(٣) النص هنا لا يستقيم مع المعنى، لأن شرف الدولة قتل في هذه السنة بعد هزيمته مباشرة، والذى تولى حصار حلب بعد موته هو سليمان بن قتلمش؛ والراجح عندى أن المؤلف لم يلتفت إلى هذا الخلط وهو يوجز عن ابن الأثير، أو أن هنا سقطا من عمل الناسخ سبب هذا الاضطراب في المعنى، وقد أضفنا ما بين الحاصرتين للتصحيح والايضاح بعد مراجعة (ابن الأثير: ج ١٠، ص ٥٧)، وقد ترجم هناك لشرف الدولة بعد ذكر موته ترجمة مختصرة مفيدة نؤثر نقلها هنا إتماما للفائدة، قال: «وكان أحول، وكان قد ملك من السندية التي على نهر عيسى إلى منبج من الشام وما والاها من البلاد، وكان في يده ديار ربيعة ومضر من أرض الجزيرة والموصل وحلب، وما كان لأبيه وعمه قرواش، وكان عادلا حسن السيرة، والأمن في بلاده عام والرخص شامل، وكان يسوس بلاده سياسة عظيمة بحيث يسير الراكب =
1 / 15