وقد اجتهد كفار العرب وأهل الكتابين على أن يأتوا بسورة مثله ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا مع أنهم وجدوا فيه من البلاغة والكمال والفصاحة، وضرب الأمثال مابذا الفصحاء والشعراء، ووجد أهل الكتابين فيه من علم الأولين والآخرين ما استيقنوا به أنه من رب العالمين، فمنهم من صدقه وآمن به كما قال عز من قائل: ((الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون *وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين * أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا))[القصص : 54،53،52]. الآية وقوله: ((يؤتون أجرهم مرتين)). يعني المرة الأولى بما علموا في التوراة وآمنوا وصدقوا، والمرة الأخرى إيمانهم بالقرآن ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم وتصديقهم وعملهم فهؤلاء هم المفلحون، ومنهم من كفر به وأعرض عنه مع أنهم وجدوا فيه ما يوافق ما عندهم من العلم فألحدوا فيه، وقالوا: ((إنما يعلمه بشر))[النحل: 103]. وقد حكى الله ذلك عنهم فقال تعالى: ((وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا * وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا))[الفرقان: 5،4]. وقد رد الله عليهم قولهم واحتج عليهم بالحجة التي لم يجدوا لها مدفعا حيث يقول عز من قائل: ((ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين))[النحل: 103]. وكان من إعجازه تصديق القصص الذي في كتب الأنبياء المتقدمين وما فيها من ذكر ما يكون في يوم الدين.
Bogga 72