أفضل ساعة عندي ساعة أقف فيها أمام بائس منكوب أرثي حظه وأزيل بما استطعت أحزانه وآلامه لأني لا أرى نفسي هادئة مطمئنة أمام بكاء الباكي وزفرات الكئيب.
في صغري كنت أسبح في بحار الحرية الخالصة.ولا أفقه من معانيها شيئا والآن أعرفها واتية بها ولم أجد إليها سبيلا.
لا أرى نفسي شيئا يذكر في الوجود حينما أقف على حياة العظماء من الرجال ولكني أريد أن أكون مثلهم أوأموت.
أحب وطني حبا جما ولوتراكمت الخطوب علي فوق أرضه ومسني من العذاب أليمة.فهوملكي وأنا ملكه أبكي عليه كلما بكى وأحن إليه كلما شكى أحبه ويحبني فهوعين وأنا نورها وهوصوت وأنا صداه أكره من يبغضه وأجل من يهواه اسمه في قلبي مكتوب بنار الحماسة من صغري لا يمحيه يد الدهر في كبري عرفته فعشقته وإن كنت لا أعرف العشق من قبل.سماؤه بلور وترابه تبر وجباله عنبر وجناته زبرجده.فوالله ما رأيت وطنا أحسن منه..
نظرت إلى وطني المسكين نظرة باحث فلم أجد سوى مخلص محروم سعى فلم يجد من يعاضده فقعد عن العمل وجامد سجن نفسه في غيابات اليأس والقنوط فكان حجر عثرة في سبيل الرقي والتقدم ومنافق نفدت سلعته في سوق الغدر والخيانة ففرح بحظه وحرفته فواأسفاه..على وطن أنا فيه..
لم أبلغ عشرين ربيعا من عمري وقد شاهدت في حلال ذلك أيام فرح وأيام حداد فلم أر درسا يشرح مسألة الحياة أحسن منهما ولا موعظة أوقع في النفوس من تكرارهما تخريج ص:167
أخاف من المتملق خوفي من العدوالغاصب كيف لا أحذره وهويصفيني بعالم يكن في ويحلق بي ما ليس لي وما لا يطابق ما عندي ليأخذ ما تحويه يدي.
صدري ينفلق وقلبي ينفطر وكبدي تتفتت حينما أرى أمتي المسكينة عفا الله عنها تحارب نفسها بنفسها وتطعن قلبها بيدها وتنظم من أبنائها جيشين يتصادمان ما بينهما فيشتد فرحها ويقوى جذلها وتظن أنها تحسن صنعا وتفعل جميلا.آه على أمتي ما أشد غرورها..
Bogga 73