الشعراء الحقيقيون الناظرون إلى بلادهم ومستقبلهم نظر الشحيح إلى فلسه والجبان إلى حياته.لا نظر الصبي إلى لعبته وملهاته والكريم إلى نفسه وماله هم الذين يهيئون تربة صالحة للخلف من بعدهم ويخترعون أشياء لم تكن في الحسبان ولم يحلم بها الشعب من قبل ويعلمون الأمة كيف وبما وإلى أين تسير وينفخون فيها روح الاستقلال والحياة الجديدة الحقة ويرمون الاستبداد بالسنة حداد رغم الاضطهاد والقوة والجبروت ولا ينتصرون لحزب دون آخر مالم يكن رجعي فهم خلقوا لأن يكونوا أدوات التربية والإصلاح وإباء الجميع.
لا يسمى الشاعر شاعرا عندي إلا إذا خاطب الناس باللغة التي يفهمونها بحيث تنزل على قلوبهم نزول ندى الصباح على الزهرة الباسمة.لا أن يكلمونها في القرن العشرين بلغة امرئ القيس وطرفة
والمهلهل الجاهليين الغابرين.
يجب على الشعراء الكبار أن يتنازلوا إلى مخاطبة الطبقة الوسطى والسفلى من الأمة العامة التي هي هيكل الشعوب ومرجعها الوحيد عند المدلهمات ويقتدوا- بقطع النظر عن اختلاف الأديان-بشعراء فرنسا وأدبائها في إبان انفجار بركان الثورة الكبرى-(تلك الثورة التي ثلث عرش الاستبداد وهزمت جيوش الظلم والجبروت فأصبحت فرنسا بفضلها حرة تمرح بثوبها القشيب أمام الأمم جمعاء حاملة بيدها لواء حقوق الرجل)-وما فعلوا وما قاموا به من أعمال جليلة تذكر بكل إكبار.
الشعراء روح الشعوب فإذا نصحوا لها سارت وتقدمت وإذا خانوها فالسقوط والاضمحلال حظها.وأما السبيل الذي يسلكه شعراؤنا وأدباؤنا اليوم اليوم المملوء بالتحذلق والتمشدق بالألفاظ الضخمة الرنانة والسعي وراء إرضاء الخواص فغايته الويل والبوار.
Bogga 58