ولكن يجب علينا أن نعرف قبل كل شيء هته النعمة الشاملة التي أثقلت كاهلنا والتي لا ينبغي أن تكفر حتى نقدرها حق قدرها فنكون قد عرفنا ما لنا وما علينا،وما هي ياترى؟إنها ملخصة في هته الكلمات الوجيزة.."إنهم بلغوا تلك الأمانة التي استودعت في أيديهم إلى أيدينا بغير خيانة ولا تقصير"لا أكثر ولا أقل والأمانة هي اللغة العربية لا غير.
أجل إنهم قاموا بواجبهم وأدوا ما فرض عليهم من غير خيانة ولا تقصير جزاهم الله عنا وعن اللغة خيرا،وهل بعدما رفعنا ذلك الحمل عنهم نمضي في سبيلنا متكلين على أنفسنا إلى النهاية أم نمكث في مكاننا لا نبارحه محافظين على خطواتنا خوفا وجبنا؟وإن نحن تكاسلنا عن السير للأمام فمن يبلغ هذا العبء الثقيل إلى أولادنا وأحفادنا؟أيفعل ذلك الأجنبي عن اللغة؟أم ينزل الله ملائكة من السماء أوأجنة من الأرض تقوم مقامنا؟كلا وألف كلا..
"ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه
يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم"
فيا أيها الأدباء اجعلوا نصب أعينكم إعلاء الأدب العربي وترقيته وافهموا واعتقدوا أن موقفنا مع أجدادنا الكرام كموقف الأم الحنون مع ولدها فإنها إذا ربته وبلغ أشده واستوى فلا بدله من القيام والسعي في مناكب الأرض لا الركود في حجرها والدوران حولها
"فبمكث الماء يبقى آسنا
وسرى البدر به البدر اكتمل"
اجهدوا أنفسكم في درس لغتكم في فهم أسرارها في تدقيق معانيها في إتقانها غاية الإتقان فإذا تم لكم المراد واستحوذتم على جانب وافر منها انبذوا عنكم كل صلة بينكم وبين ماضيها اجعلوها وسيلة إلى نيل مآربكم لا غاية لا تتجاوزونها غيروا،فننوا،واسعوا،أصلحوا،فإنكم بذلك تكونون عصرا مستقلا منيرا إذا ميزة على غيره مملوء بالأعمال الجليلة والاختراعات الخطيرة.
Bogga 54