ولوأنهم قصدوا بالشعر الوزن والقافية لما قالوا في بداية الدعوة المحمدية-على صاحبها أفضل السلام وأزكى التحيات-إن القرآن شعر وإن صاحبه شاعر مجنون مع علمهم أنه كلام مرسل لا أثر للوزن فيه وإن صاحبهم لم يسمع منه بيتا في سوق من أسواقهم ولا في مجتمع من مجتمعاتهم ولا تحدث أحد عنه بذلك أبدا وإنما هوالكلام المبين والقرآن الحكيم تركهم في ريبهم يعمهون.
الشعر مسطر بريشة الشعور على صحائف لغات الأمم الخاصة بها سواء كانت متمدنة أومتوحشة ولا يختص بالأولى وحدها بل ربما انتشر بين أفراد الثانية أكثر منه في تلك خلاف النثر فإنه ابن العلم والتمدن والشعر هوالذي يهيء له الطرق إذ يترعرع مع الإنسانية في مهدها وينموتدريجيا على قدر القوة الفطرية والقابلية العقلية فيها فهوناموس عام تدخل تحت تعاليمه جميع الكائنات وقد يبلغ الغاية القصوى والقدح المعلى في لغة قوم فيكون الأمر الناهي وقائد زمام نهضتهم وعليه تدور رحى حياتهم الاجتماعية وهوما نشاهده الآن في أوساط العربيين الفائزين.وقد يوجد ولا يذكر بحكم الأمية السائد-رغم أهميته في تلك اللغة-كشعر سكان أواسط إفريقية الذين لم يبلغهم نور الحضارة ولا رسول التمدن.أوكشعر العامة عندنا.
وقد ينبت نبتا حسنا في لغة خصبة واسعة الأرجاء بعيدة الأطراف بديعة الحسن ويسقى بماء التقييد والتفنن والإبداع فيسر لرؤيته الناظرون ويتفنن برشاقته المفتتنون ثم لا يلبث أن يرميه الله بريح عاصف من جانب التقليد الأعمى والجمود المميت فيمسي في خبر كان أوأثرا بعد عين.ومن هذا القبيل شعرنا العربي المنكوب الذي اقتطفت زهرته من بستان الحياة في ريعان شبابه فترك أبناءه حيارى لا دليل لهم يتخبطون بكل واد ويتبعون كل ناعق واحسرتا عليه..
Bogga 45