وعندي أن الغرب ما تقدم إلا بشعرائه المجيدين ولا تأخر الشرق إلا بشعرائه المعكوسين الذين ارتدوا ثوب الجمود والتقليد ونسوا واجبهم الوطني الشريف ومالوا إلى اللهووالترف والمجون فنسجت العامة على منوالهم فمات الشعور القومي والميزة الشرقية وتبلدت غيوم الجبن وحب الذات على العقل ومسخت النفوس وعم الوبال جميع الطبقات.
نعم إنك لا ترى في هته السنين الأخيرة إلا مخمسا ومشطرا ومعارضا ومحتذيا ومادحا وهاجيا ومتغزلا و"مسمطا.."إلى غير ذلك مما يدل على البطالة المتناهية التي دهمت هؤلاء الأقوام البؤساء في عقر دارهم فقضت على حياتهم النفيسة وعزهم الموروث وملكهم الشامخ فصاروا آية للناظرين وعبرة للمعتبرين.
فيا أيها الشعراء الأحداث بكم تحيا الأمة وبكم تموت-لا قدر الله-فأنتم رسل الحرية والسعادة الأبدية إن شئتم وأنتم النعاة إن أردتم.
إن قمتم بواجبكم فمرحى..
وإن تقاعدتم عنه فبرحى..
ألا جددوا عصرا منيرا لشعركم
فسلسلة التقليد حطمها العصر
وسيروا به نحوالكمال ورمموا
معالمه حتى يصافحه البدر
كما كان من قبل الرشيد وبعده
فتلك عصور الشعر حف بها النصر
فمن شاء منكم التشطير فليشاطر مواطنيه في الأمور العظام والأعمال الجليلة ومن أراد المعارضة فليعارض الخونة سماسرة السوء ويعاكسهم في أعمالهم الخبيثة ومن له غرام بالاحتذاء فليحتذ أجداده الكرام وأسلافه العظام في آبائهم ونخوتهم وعزهم وقوتهم وسلطانهم وإيمانهم وإنسانيتهم وجميع خصالهم الحميدة ومن تعلقت نفسه بالمدح فليمدح الأخلاق الفاضلة وينشرها بين قومه ويتشبث بالفضيلة ومن يميل إلى الهيجاء فليهج العوائد الفاسدة ويذم الرذيلة بأنواعها ومن يحب التغزل فليتغزل في وطنه الجميل الذي يعيش فيه ويأكل خيراته.
فبذلك تسعد البلاد وترتقي.
فمعذرة أيها القارئ الكريم علنا انحرفنا بك عن موضوعنا الأول فها نحن نعود والعود أحمد فنقول:
Bogga 43