وقالوا وضعنا"الشعر"للناس هاديا
وما هوشعر ساحر لا ولانثر
ولكنه"نظم"وقول مبعثر
وكذب وتمويه يموت به الفكر
فقلت لهم لما تباهوا بقولهم:
ألا فاعلموا أن الشعور هوالشعر
وليس بتنميق وتزوير عارف
فما الشعر إلا ما يحن له الصدر
فهذا خرير الماء شعر مرتل
وهذا غناء الحب ينشده الطير
وهذا زئير الأسد تحمي عرينها
وهذا صفير الريح ينطحه الصخر
وهذا قصيف الرعد في الجوثائر
وهذا غراب الليل يطرده الفجر
فذاك هو"الشعر الحقيق"بعينه
وإن لم يذقه الجامد الميت الغر
الشاعر والمصور أجيران للفن والجمال وكلاهما مدين بالإجادة والتدقيق في النظر والبحث هذا في المحسوسات وذاك في الروحيات.فكما أن المصور لا يقدر أن يتقن صورته إلا إذا تزود بجانب وافر من الشعور والإطاقة وكان الشكل أوالمنظر الذي يريده أمامه يراه بعيني رأسه.فكذلك الشاعر لا طاقة له على امتلاك العقول والأخذ بأزمة النفوس إلا إذا أجاد تصوير تلك العواطف الهائلة التي تقوم في ميدان صدره الرحب عندما يريد أن يعرب للسامع عن خاطر من خواطره الخاصة أوالعامة كانت.لا مجرد تنميق وتزوير وتكلف مشين وتعمل بارد وكذب فادح.فإن هذا مما ينقص من قيمة الشعر والشعراء في نظر الأمة النبيهة ومما يزهدها في سماع بنات أفكار الفحول منهم.بل قد يهبط بالقومية إلى أسفل سافلين من جهة الأجانب أيضا فإنهم يستلزمون بسيرة هؤلاء الناعقين-قادة الأمم في كل عصر ومصر إما إلى الجحيم وإما إلى النعيم-إن أبناءها هازلون لا جادون وإنهم محتاجون إلى التأديب والتقريع أكثر منهم إلى التعليم والتثقيف إذ هم عالمون ولكنهم متلاعبون وسائرون ولكنهم متقهقرون.
Bogga 42