الله برأي سابور، وحرم التذكير إلا لمن يوثق بعلمه ومعرفته وأمانته، ومن تعدى ذلك عاقبه.
ثم ينظر في المتفقهة الذين ينتحلون البدعة ويدعون إليها، ويخالفون ما عليه الجمهور ويردعهم، ويفرق جمعهم وكذلك يمنع من التعصب للمذاهب والمغالاة في ذلك، فإنها تؤدي إلى فتن عظيمه وخطوب جسيمة وقد خرب كثير من بلاد المشرق بهذا السبب.
نم ينظر في حال من يتظاهر من العلماء بعلم الفقه والشريعة ، ويبطن الحكمة والفلسفة؛ فاذا وقع له حكم من احكام الشريعة لا يدركه عقله، ولا يلحقه فهمه، اسرع إلى الطعن فيه ودبر فيه برأيه. وهذه الطائفة وإن كانت قليلة لكنها ذميمة ونكايتها أليمة. وربما يزعمون ويوهمون أن الشرائع أمور موضوعة بإزاء العامة دون الخاصة الذين أنهم منهم، وإن تفاصيله لا تستقر عند حاكم العقل، ولو صح نظرهم وثبت عقلهم لعلموا أن رتبة النبوة والشريعة مستعلية على مراتب الحكمة، وأنها تحصل بالأمر الإلهى لا بالكسب الاجتهادي، فمتى تنتهى العقول البشرية الى معرفة المقادير الربانية فينبغى أن يحسم مادة هذه الطائفة، ويشغلوا بانفسهم، فانهم إن تفرغوا وضعوا للعامة بدعا متنوعة يسمونها حكمة، ثم يدعون أنهم يطلعون على أسرار الشريعة وأغوارها. ومن تتبع أخبار المتقدمين علم أن أكثر البدع والفرق بهذا السبب ظهرت واشتهرت.
فأما العلماء وحفاظ الشريعة الذين على السنة فيجب على الملك احترامهم وإكرامهم، لانهم يحفظون قواعد الشرع الذي هو يحرسه، ويذب عنه، ويقاتل من يعانده، فيرفع طبقاتهم على مقاديرهم من العلوم والتبحر فيها، فاول العلوم علوم الشريعة علم القران، ومعرفة تفسيره وتاويله، وناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، واسباب نزوله.
ثم علوم الحديث النبوي، ومعانيها ولغاتها واسبابها ومعرفة رواتها،
Bogga 116