فإذا كان بله زيدٍ، هنا ليس يخلو من أن يكون اسمَ فعلٍ، أو مصدرًا، أو حرفًا، وليس يجوز ُ وقوعُ اسم الفعل هنا، لما قدّمنا، ولا المصدرُ، لأنه لم تقع عليه دلالةُ، من حيث جاز أن تكون ما زائدةً في ما عدا: كان حرف جرّ، لأنّ حروف الجرّ قد وقعت في موضع الاستثناء.
وقال سيبويه: أمّا بله [زيدًا]، فتقول: دعْ زيدًا، وبله هاهنا بمنزلة المصدر، كما تقول: ضرب زيدٍ.
[قال أبو علىّ]: فمن قال: بله زيدًا، جعله يمنزلة دعْ، وسمّى به الفعل، ومن قال:
بلهُ زيدٍ، فأضاف، جعله مصدرًا، ولا يجوز أن تضيفَ، ويكون مع الإضافةِ اسمَ الفعل، لأنّ هذه الأسماءَ التي تسمّى بها الأفعالُ، لا تضاف، ألا ترى أنّه قال ك جعلوها بمنزلة النجاءك، أي لم يضيفوها إلى المفعول به، كما أضافوا أسماءَ الفاعلين والمصادرَ إليه. فهى في قوله على ضربين: مرّةً تجرى مجرى الأسماء التي تسمّى بها الأفعال، ومرة تكون مصدرًا.
وقال أبو زيد: إنّ فلانا لا يطيقُ أن يحملَ الفهرَ، فمنْ بلهِ أن يأتىَ بالصخّرة! يقول: لا يطيقُ أن يحملَ الفهرُ، فكيف يطيقُ حملَ الصّخرةِ؟
قال: وبعض العرب يقول: من بهلِ أن يحملَ الصّخرة!، فقلب، وأنشد لكعب ابن مالك:
تذرُ الجماجمَ ضاحيًا هاماتها ... بله الأكفّ كأنّها لم تخلقِ
1 / 26