المبحث الثالث: منهج المؤلف في الكتاب
لقد سلك الجرجاني في منهجه هذا أسلوبًا لا يختلف في جملته عن منهج عامة المفسِّرين، وإن كان ﵀ لم يكتب منهجه في مقدمة تفسيره إلا أننا يمكن أن نتوصل إلى منهجه من خلال ثنايا تفسيره وما بسط القول فيه، وقد سلك المؤلف في كتابه أسلوب الاختصار فيمكننا أن نقول إن قريبًا من نصف الكتاب يأخذ طابع تفسير المفردات بالمفردات على غرار ما يغلب على تفسير الجلالين وغيره، فهو يحاول أن يفسِّر الكلمة بكلمة أو كلمات مختصرة، لكنه ربما أسهب في بعض المواطن وأطال فيها وإن كانت قلة كإطالته شي تفسير قوله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ ....﴾ حيث أسهب في مسألة النسخ، وكما في قوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ...﴾ حيث بسط القول في الزكاة وأنصبتها وجهاتها وما يتعلق بها.
كما سلك المؤلف في تفسيره في كثير من المواطن تفسير القرآن بالقرآن، فهو يحاول أن يوضح المجمل بالمفصل، والعام بالخاص، أو غير ذلك، وأمثلة ذلك كثيرة جدًا يمكننا أن نستعرض أمثلة على ذلك فمنها:
أولًا: تفسير القرآن بالقرآن.
قوله تعالى: ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ الرب: السيد. قال يوسف ﵇: ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ وقال: ﴿ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ﴾ (١).
قوله تعالى: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ وهم اليهود لقوله في شأنهم: ﴿فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ﴾ (٢).
قوله تعالى: ﴿وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ قد يكون البلاء بالخير والشر، قال تعالى: ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ﴾ (٣).
والأمثلة على ذلك كثيرة جدًا.
_________
(١) يوسف:٥٠.
(٢) البقرة: ٩٠.
(٣) الأعراف: ١٦٨.
1 / 55