قلت: إنك تذكر كلمة «العالم» مرة أخرى، هل تظن أن الإسباني ينظر بنفس هذا المنظار؟
قال: لا، استثن الإسبان، تجد غرب أوروبا كله يرى الرأي نفسه.
قلت: ولماذا تجعل غرب أوروبا والولايات المتحدة هما «العالم»؟
وانتقل بنا الحديث إلى الهند، فقال: إن هنودا ممن كانوا يسخطون على الإنجليز وهم يحكمونهم، يعترفون الآن أن الفضل في تقدم الهند راجع إلى الإنجليز.
فقلت له: لست هنديا لكني لا أوافق على رأي هؤلاء الهنود؛ لأنه يكفي أن تذهب إنجلترا إلى الهند وهي وحدة تاريخية جغرافية، وتخرج منها وهي شعبان يتقاتلان: الهند وباكستان؛ فقد أبرزت إنجلترا ما بينهما من خلاف ديني، وأغرقت ما بينهما من نقط اتفاق لا تعد ولا تحصى.
قال: لكن هل من شك في أنهم تركوا هناك القانون الإنجليزي؟
قلت: كأن المدنية عندك مرهونة بالقانون الإنجليزي، وإذا فالولايات المتحدة نفسها بهذا المقياس ليست متمدينة ولا فرنسا متمدينة كذلك؟
وهنا وصلنا إلى المنزل، فشكرت لهما هذه الرحلة التي كانت في الحق ممتعة من حيث مناظر الطريق، لكنني لا أستخف دمهما، وخصوصا الدكتور «ك» وقد حد هذا بالطبع من متعة الرحلة.
الأحد 28 فبراير
مر علي في الصباح الدكتور «ج» ليأخذني إلى الكنيسة المنهجية التي دعيت أن أقول فيها للمجتمعين «موعظة» الأحد، وكانت «موعظتي» هي شرح مبادئ الإسلام! وطريقتي دائما في كل الأماكن التي شرحت فيها مبادئ الإسلام أن أبين بوضوح أن اليهودية والمسيحية والإسلام كلها فروع من جذع واحد؛ حتى لا يخلط السامعون - كما هم يخلطون - بين الإسلام والديانات الهمجية، ظانين ألا ديانة جديرة بالاحترام إلا المسيحية أولا واليهودية ثانيا؛ وبعد أن أشرح كيف تتشابه هذه الديانات السامية الثلاثة، أبين كيف أن الإسلام إنما جاء يسد النقص الذي في الديانتين الأخريين، من حيث أنه جعل الدين عاما لا خاصا كما هو عند اليهود، ثم جعل الله واحدا لا ثلاثة كما هو عند المسيحيين.
Неизвестная страница