165

والثانية : أن الأمر بالطبيعة لا يستلزم السراية إلى الأفراد وإلا لكان اللازم منه المحذور الأول بعينه ، وحيث إن عدم السراية إلى الأفراد هو المختار كما يجيء تحقيقه في مسألة اجتماع الأمر والنهي إن شاء الله ولا يبعد صحة المقدمة الاولى فلا بأس بالالتزام بتحقق الأمر الفعلي بالصلاة في مجموع الوقت مع إيجاب ضدها في أول الوقت مضيقا ، بل يمكن أن يقال : لا مانع من الأمر حتى على القول بالتخيير الشرعي أو على القول بسراية حكم الطبيعة إلى الأفراد ؛ لأن المانع من التكليف بما لا يطاق ليس إلا اللغوية وهو مسلم فيما إذا كان نفس الفعل غير مقدور كالطيران إلى السماء.

وأما إذا كان نفسه مقدورا كما في ما نحن فيه غاية الأمر يجب عليه بحكم العقل امتثال أمر آخر من المولى ولا يقدر مع الامتثال إتيان فعل آخر فلا يلزم اللغوية ؛ إذ يكفي في ثمرة وجود الأمر أنه لو أراد المكلف عصيان الواجب المعين يقدر على إطاعة هذا الأمر ، ومن ذلك يظهر أن قياس مقامنا هذا بمثال الطيران إلى السماء ليس في محله.

والوجه الثاني ؛ ما أفاده سيد مشايخ عصرنا الميرزا الشيرازي «قدس الله تربته الطاهرة» ، وشيد أركانه وأقام برهانه تلميذه الجليل والنحرير الذي ليس له بديل سيدنا الاستاذ السيد محمد الاصفهاني جزاهما الله عن الإسلام وأهله أفضل الجزاء وهو : أن يتعلق الأمر أولا بالضد الذي يكون أهم في نظر الآمر مطلقا من غير التقييد بشيء ثم يتعلق أمر آخر بضده متفرعا على عصيان ذلك الأمر الأول.

توضيح هذا المطلب وتنقيحه يستدعي رسم مقدمات :

الاولى ولعلها العمدة في هذه المسألة توضيح الواجب المشروط ، وهو وإن مر في مبحث مقدمة الواجب مفصلا إلا أنه لا بد من أن نشير إليه ثانيا توضيحا لهذه المسألة التي نحن بصددها.

فنقول وعلى الله التوكل : إن الإرادة المنقدحة في النفس المتعلقة بالعناوين على ضربين، تارة يكون على نحو تقتضي إيجاد متعلقها بجميع ما يتوقف عليه من دون

مخ ۱۶۸