164

الأمر والنهي في شيء واحد فيكون ذلك من باب النهي في العبادات ، هذا على القول بكون ترك الضد مقدمة.

وأما على القول بعدم مقدميته فإن قلنا بكفاية الجهة في صحة العبادة وإن لم يتعلق به الأمر لمانع عقلي كما هو الحق فلا إشكال في الصحة.

وأما لو لم نقل بكفاية الجهة فيشكل الأمر بأن الأمر بالضد وإن لم يقتض النهي عن ضده لعدم المقدمية ، ولكنه يقتضي عدم الأمر به ، لامتناع الأمر بإيجاد الضدين في زمان واحد ، وحيث لا أمر فلا يقع صحيحا ؛ لأن المفروض عدم كفاية جهة الأمر في الصحة ، فالمناص حينئذ منحصر في تصحيح تعلق الأمر فعلا بالضد مع كون ضده الآخر مأمورا به ، والذي يمكن أن يكون وجها لذلك أحد أمرين :

الأول : ما نقل عن بعض الأساطين قدسسره من أن الأمر بالضد إنما ينافي الأمر بضده الآخر لو كانا مضيقين ، أما لو كان أحدهما مضيقا والآخر موسعا فلا مانع من الأمر بكليهما ؛ لأن المانع ليس إلا لزوم التكليف بما لا يطاق ، وهذا المانع منحصر فيما إذا كانا مضيقيين ؛ إذ لو كان أحدهما موسعا فلا يلزم ذلك قطعا سواء كان الآخر موسعا أيضا أم لا ، وأي مانع من أن يقول المولى لعبده : اريد منك من أول الظهر إلى الغروب إنقاذ هذين الغريقين ، أو يقول : اريد منك إنقاذ هذا الغريق فعلا واريد منك أيضا إنقاذ الغريق الآخر في مجموع الوقت الذي يكون أعم من هذا الوقت وغيره.

أقول : تمامية ما أفاده قدسسره مبني على مقدمتين :

إحداهما : أن يكون الوقت المضروب ظرفا للواجب من قبيل الكلي الصادق على جزئيات الوقت ، فيصير المحصل من التكليف بصلاة الظهر إيجاب إيجاد الصلاة في طبيعة الوقت المحدود بحدين ؛ إذ لو كان التكليف راجعا إلى التخيير الشرعي بين الجزئيات من الأزمنة فلا يصح ذلك ؛ لأن البعث على غير المقدور قبيح عقلا وإن كان على سبيل التخيير بينه وبين فعل آخر مقدور ، ألا ترى قبح الخطاب التخييري بين الطيران إلى السماء وإكرام زيد مثلا.

مخ ۱۶۷