373

============================================================

ذكر ذي القرنين وأضرمها بالنار وناد أخرجوا إلي امرأتي حتى يسرحوها إليك، ففعل ذلك ابن قيذافة وسارعوا نحو البلدة كما أمره عند خروج ملك ميراس والعسكر إلى الحرب واستنقذ امرأته ثم قال قيذرون ابن قيذافة يا أنطيفون عظمت منتك علي فيما صنعت فأحب أن تسير معي إلى مملكتنا لنكافتك على ما فعلت، فقال: إن أردت ذلك فاكتب إلى ذي القرنين الملك وسله أن يبعثني معك فكتب إلى ذي القرنين بذلك وهو الحاجب، إلا أنه يظن أنه ذو القرنين فأجابه إلى ما سأله وأمر أنطيفون وهو ذو القرنين حتى يخرج معه إلى أرضه فخرج ذو القرنين مع ابن قيذافة وهو يظن أنه صاحب ذي القرنين وحمل مع نفسه أربعة نفر من خواضه حتى انتهى إلى جبل منيع شامخ حجارته المهياة وكله فواكه من التفاح والأترج وعلى كل شجرة حية تمنع عنها التناول، وفي الجبل قردة وكلاب وسباع فقال قيذرون: هذا الجبل مسكن إللهنا ونحن نأتيه كل سنة ونعتكف به أياما وإن إللهنا يتراءى لنا، قال الراوي: فكان الشيطان يتراءى لهم ثم ساروا فانتهوا إلى مدينتهم فخرجت الملكة قيذافة وأهل مملكتها تلقوهم فقال قيذرون لهم اشكروا هذا الرجل فإته رسول ذي القرنين وإن ذا القرنين هو الذي رد علي زوجتي وأموالي قال: فسجدوا له ثم آنزلوه أحسن المنازل فلما كان من الغد جلست قيذافة مجلسا من ذهب مكلل بالجواهر ولبست ثياب الملوك ودعت بذي القرنين تظنه رسوله وادعت بالفداء حتى أكلوا، فلما كان اليوم الثاني جلست قيذافة في بيت من رخام بصفائح الذهب وسقفه من خشب كأنه التار ضواء وحسنا ودعت رسول ذي القرنين فلما دخل عليها سألته هل عندكم مثل هذه؟ قال: نعم، وأفضل إلا أن أرضكم اكثر معادن من أرضنا، قالت: صدقت يا ذا القرنين قال ذو القرنين ففزعت حين سمتني فقلت الأمان أيتها الملكة فإني رسول ذي القرنين فأخذت بيدي وأدخلتني بيتا صغيرا فيه تمائيل وصور فأرتني صورتي، وقالت: هل تعرف هذه الصورة؟ فعرفت أنها قد عرفتني فقال: إتا لله وإنا إليه راجعون وندمت على ما كان من حضوري ودخولي تلك الناحية فقالت قيذافة: ألست ذا القرنين الذي غلبت الملوك كلهم ودانت لك الشرق والغرب وأدوا إليك الخراج، والآن قد صيرك الله تعالى في يدي أسيرا وأنا امرأة وما لي عندك عهد ولا آمان ثم قالت: يا ذا القرنين ينبغي للإنسان أن يسكن إلى نعمته ولا يعجب بنفسه وأن الله تعالى لا يعطي العلم عبذا واحذا ثم قالت: ما لك متحير فقلت: وكيف لا أتحتر وحالي ما ترينه؟ قالت: لا تهتم فإني لا أفعل بك إلا خيرا فلقد أجبت ولدي ورردت عليه امرأته فأكرمته ولست أظهرك لأحد ولا يعرفك غيري، ثم إنها خرجت إلى مجلسها فدعت ابنها قيذرون وابنها الأكبر واسمه قش وأمرتهما بالإحسان إلى رسول ذي القرنين وتسريحه، فقال ابنها الأكبر: يا أماه إن امرأتي سمعت أن رسول ذي القرنين

مخ ۳۷۳