============================================================
ذكر ذي القرنين ولا تعرج على شيء فلما وصل إليه الكتاب وكان قد بلغ إليه الكتاب وهو بالباب الذي يقال باب خشك فترك الأمر على ما هو عليه ثم خرج والله تعالى أعلم، ثم إن ذا القرنين خرج إلى بابل يعني العراق فاستقبله كتاب معلمه أرستطاليس الحكيم ويقال: إنه هو الذي يسب إليه علم كتاب الفلاسفة الذي يقال له المنطق ويسمى أرستطاليس صاحب المنطق، ويقال: إنه كان رجلا آخر والله تعالى أعلم وكان في كتابه إليه أنه قال بلغني مسيرك في الدنيا وما لقيت من الأمور العظام وما رزقك الله تعالى من الظفر على أعدائك وما افتتحت من البلاد والمدائن وما بنيت منها ودانت لك الأرض كلها وذلك بعون الله تعالى وقوته وتمكينه إياك فاحمد الله واشكره واعمل الآن ليوم موتك واعلم أن الدنيا منقطعة عنك وأنك تاركها لغيرك، فهئىء للموت قبل هجومه عليك ولا تغفل عنه والسلام، فلما قرأ ذو القرنين كتابه قال: صدق معلمي، وفي رواية الحسن أن ذا القرنين صار في مسيره إلى أرض المغرب إلى ناحية يقال لها أرض سمرة وكان الحاكم بها امرأة تسمى قيلافة وكان دار ملكها مدينة تسمى باسمها مدينة قيذافة وهي آربعة فراسخ في آربع فراسخ ولها ثلاثمائة وعشرون بابا من حديد ونحاس فلما قرب ذو القرنين من أهلها كتب إليها ودعاها إلى الطاعة ودفع الخراج إليه وبغث الأموال نحوه فأجابته وأهدت إليه وبعثت مصورا يأتي عسكر ذي القرنين فيصور لها صورته فيأتي بها ففعل المصور وأعاد الرسل إليها فكتب اليها ذو القرنين: إنك غزوت مصر وأخذت أموالها فردي علي ما أخذت من أموالها فأجابته أني أخذت أموال مصر حين كنت ملكتها فلا أرد على أحد شيئا منها، وأما الهدايا وما ترجوه منا نفعل، فلما جاءه الكتاب تهيا ذو القرنين للمسير إليها فبينما هو كذلك إذ دخل عليه صاحب مصلحته بخبر آنه قد وافاهم ابن لقيذافة وكان اسمه قيذرون فأمر به حتى أنزل إلى الغد في موضع فلما كان من الغد ألبس ذو القرنين ثيابه لصاحبه ولبس ثياب حاجبه وجلس، ثم دعا به وقد آجلس حاجبه مكان نفسه فأمر بادخاله عليه وسأله عن حاله فأخبره أنه كان خرج تاجرا إلى أرض ميراس فهجم عليه قوم منهم وقتلوا أصحابه وأخذوا امرأته وجميع آمواله وآنه انصرف راجعا إلى ناحيته ليسير إليهم بالجنود لاستزداد امرأته وأمواله، فلما أخبر به نظر الحاجب إلى ذي القرنين رآه أنه الملك وأن ذا القرنين هو الحاجب، فقال له: ما تقول في هذا؟ قال ذو القرنين: أيها الملك هذا إليك فأمر ماذا ترى قال آمرك أن تسير بخيل عظيمة إلى ميراس فتنزع منهم امرأة ابن قيذافة وأمواله كلها فتدفعها إليه وتسرحه إلى آمه مكرما، فلما سمع ابن قيذافة ذلك سجد وخرج ذو القرنين مع ابن قيذافة على اسم صاحبه وكان اسمه أنطيفون مع عسكر عظيم نحو بلاد ميراس وأمر ابن قيذافة بالكتمان في غيضة هنالك وقال له: لا تظهر نفسك لهم فيهلكوا المرأة، فإذا كان غذا ووقفنا للقتال وخرج إلينا ميراس والعسكر فاخرج أنت نحو البلدة
مخ ۳۷۲