قصدها بالإراقة، وإن علم بقرينة الحال أنها فاحت لتعاطيهم الشرب فهذا محتمل والظاهر جواز الإنكار.
وقد تستر أواني الخمر وظروفها في الكم وتحت الذيل، وكذلك الملاهي فإن رأى فاسقًا وتحت ذيله شيء لم يجز أن يكشف عليه ما لم يظهر بعلامة خاصة، فإن فسقه لا يدل على أن الذي معه خمرًا، إذ الفاسق يحتاج أيضًا إلى الخل وغيره، ولا يجوز أن يستدل بإخفائه على أن الذي معه خمرًا، وإنه لو كان خلًا لما أخفاه لأن الأغراض في الإخفاء مما تكثر، وإن كانت الرائحة فائحة فهذا محل النظر، والظاهر أن له الإنكار لأن هذه علامة تفيد الظن، والظن كالعلم في أمثال هذه الأمور.
وكذلك العود ربما يعرف بشكله إذا كان الثوب الساتر له رقيقًا، فدلالة الشكل كدلالة الرائحة والصوت وما ظهرت دلالته فهو غير مستور بل مكشوف، وقد أمرنا أن نستر ما ستره الله، وننكر على من أبدى لنا صفحته، والإبداء هو ما يدرك بحاسة السمع أو البصر أو الشم أو اللمس. إنما يجوز له أن يكسر ما تحت الثوب إذا علم أنه خمر، وليس له أن يقول له أرني لأعلم ما فيه، فإن هذا تجسس ولا رخصة فيه أصلًا، انتهى ملخصًا.
٧ - فصل
ويشترط في المنكر أن يكون معلومًا بغير اجتهاد.
قال النووي وغيره: إنما ينكر ما أجمع على إنكاره، أما المختلف فيه فلا إنكار فيه، لأن كل مجتهد مصيب، والمصيب واحد، ولا نعلمه ولم يزل الخلاف بين الصحابة والتابعين في الفروع، ولا ينكر أحد على أحد غيره، وإنما ينكرون
1 / 42