قال: فهذان الجزآن اللذان أخبرنا عنهما هما جزءا صناعة المديح. وها هنا جزء ثالث، وهو الجزء الذى يولد الانفعالات النفسانية، أعنى انفعالات الخوف والرحمة والحزن، وهو يكون بذكر المصائب والرزايا النازلة بالناس — فان هذه الأشياء هى التى تبعث الرحمة والخوف، وهو جزء عظيم من أجزاء الحث على الأفعال التى هى مقصودة المديح عندهم.
[chapter 6] فصل
قال: فأما أجزاء صناعة المديح من باب الكيفية، فقد تكلمنا فيها. وأما أجزاؤها من جهة الكمية، فينبغى أن نتكلم فيها.
وهو يذكر فى هذا المعنى أجزاء خاصة بأشعارهم. والذى يوجد منها فى أشعار العرب فهى ثلاثة: الجزء الذى يجرى عندهم مجرى الصدر فى الخطبة، وهو الذى فيه يذكرون الديار والآثار ويتغزلون فيه. والجزء الثانى: المدح. والجزء الثالث: الذى يجرى مجرى الخاتمة فى الخطبة. وهذا الجزء، أكثر ما هو عندهم، إما : دعاء للممدوح، وإما فى تقريض الشعر الذى قاله. والجزء الأول أشهر من هذا الآخر، ولذلك يسمون الانتقال من الجزء الأول إلى الثانى استطرادا. وربما أتوا بالمدائح دون صدور، مثل قول أبى تمام:
... ... ... ... ... ... .. لهان علينا أن نقول وتفعلا
ومثل قول أبى الطيب:
لكل امرئ من دهره ما تعودا ... ... ... ... ... ... ...
مخ ۲۱۷