أنشدنيها عن ناظمها المذكور وكتبتها من إملائه وصححتها بعد قراءتي عليه ومن شيوخه أيضا الشيخ أبو الحسن علي الواسطي قال لي وكان ﵀ ما انقطع عن الحج والزيارة مدة حياته فسأله أهله أن يقيم معهم ويدع الحج سنة واحدة فلما عزم على ذلك رأى رسول الله ﷺ في النوم فقال له يا علي عزمت على الإقامة عنا. فقال سألني الأهل في ذلك فقال له أن أقمت عنا أقمنا غيرك مقامك، فلما استيقظ عزم على الحج والزيارة في ساعته وسأل الله تعالى أن يجعل قبره ما بين الحرمين الشريفين فتوفي ما بين بدر وحنين رحمه الله تعالى، وقد سمعت عليه أبعاض كتب كثيرة وتناولتها من يده وأجازني الإجازة التامة المطلقة العامة وكتب لي بخطه.
ومنهم علم الأعلام وإمام الإسلام الشيخ العالم الراوية شمس الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن أحمد بن إبراهيم الأموي القرشي هو الإمام الذي رفعه العلم قبل شبابه وعرفه بركات ما مله الحميد وطلابه ومهد له من السعد في نيل القصد رحيب مغناه وفسيح جنابه، وسهل له آربا وأوطارا، ولم يزل مترسما من أشرف الأفعال وأعرق الأقوال من معالم المآثر ومآثر المعالم، وأعيان ذوي الأقدار والأخطار أعلاها مقدارا، متسنما من مراتب الصفات وصفات المراتب أقصاها منالا، وأسماها منارا، مترسما من أخلاق المجد ومجد الأخلاق أزهارها نظارة وأنظرها أزهارا، متحليا من الشيم الفاضلة بأنفسها دارا، ومتحليا في سعودها الشارقة بدرا متجنبا عن كل ما يعقب الإقبال على السعادات أدبارا، محرزا في ميدان طهارة الأردان خصل السباق، متميزا في عنفوان شبابه بحسن الخلق وإحسان الأخلاق، مثمرا لرأس مال العفاف، ساحبا من حلله الضافية الأفواف، مقبلا على ما يزيد مجده مآثرا وآثارا إلى رواية فاز بفريدها الثمين وعلقها، ونام على ليل إهمالها وقام بحقها ودار حول قطبها، ومرقى مطالع أفقها وأنعم بها سحا ومدارا إلى علوم حديث اقتصر عليه مع أدواته الثابتة الفضائل الواضحة الدلائل اختصارا، وهصر أفنان خمائله الباستل وقد تناءت مساقا وتناهت إيراقا وأزهارا، وكرع في مشارعها السلسبيلية ومناهلها الزلالية. آمنا صدرا واصدرا وعطف على محلها المرفوع، واستند إليها استنادا المحمول إلى الموضوع، وأسند من حديثها الحسن الصحيح لا المختلف الموضوع أثارا وأخبارا إلى المنصب الذي أحسب مناه والمنسب الذي أراه في المحتد القرشي متمناه والبيت الذي قر على عمد المجد قرارا، متخذا للورع دثارا. وللزهد شعارا، فاشتهرت في الغابر والسالف بفضلها التالد والطارف اشتهارا، وظهر في الطهارة والنزاهة علما يحمل نور الانارا، فعذب في مشارعها مشربا، وثبت في مناكبها كبكبا، وسرى في منازلها السعود كوكبا سيارا، والى مكانة في العلماء معروف قدرها، مشاهد بتصديق خبرها الحسن خبرها، ذائع عرفها ونشرها وجلالة في الحسباء لا تنكر معارفها ولا تخلق برودها الفضفاضة ومطارفها، ولا يتقلص من ظلالها السابغة ممدودها ووارفها إعظاما لمحلها الرفيع وإكبارا، فحين ساغ له هذا المشرب الزلالي العلمي العملي ورد وارتوى، وعلم أنه ظفر من ضالته المنشودة وبغيته المقصودة بما ابتغى، ونوى، فألقى عصى التسيار في مناهج لقاء أولى العلم الأخيار واستقرت بعد النوى استقرارا، وأقبلت على إفادة العلوم، بين تلك المعاهد الشريفة والرسوم بساحة سنية ورساخة علمية عالية منارا، ساطعة أنوارا متصلة عوائده الدينية وفوائده العلمية بقاء واستمرارا، فتجلى الشك عن اليقين، وتسفر عن مثل الصبح المبين أسفارا فها هو محمول من الترفيع والتعظيم على واجبه مكفول من البر والتكريم بمزيده ومتعاقبه قد تجلت له صور الرعاية والمبرة شموسا وأقمارا، وتحلت به من ذلك الأفق المقدس أزمانا وأعصارا، متصلة الإشراق ومشرقة الاتصال ليلا ونهارا:
كساها وقد عاث فيها المشيب ... برونق أيامها الاوله
فلا سلب الله ثوب البقاء ... عنه وهناه ما خوله
1 / 45