وبها الأهرام القديمة المعجزة البناء الغريبة المنظر البديعة الإنشاء كأنها القباب المضروبة قامت في جو السماء، ولا سيما الاثنان منها يقصر الجو بهما سموا واتساعا ارتفاعها مائة ذراع بالذراع الكبيرة من أحد أركانها إلى الركن الثاني ثلاثمائة خطوة وست وستون خطوة وأقيمت من الصخر العظام تركيبها بديع الإلصاق، وهي محدودة الأطراف لا سبيل إلى الصعود إليها إلا على خطر ومشقة فتلقى أطرافها المحدودة كأوسع ما يكون بين الرحاب لو رام أهل الأرض بناءها لا عجزهم ذلك وبها كان يجعل الطعام في أيام يوسف ﵇، وعلى النيل رجل مبني من صخرة فيه علامات لخروج النيل في زيادته ونقصانه وقد وكل به قوم يتعاهدونه فإذا خرج سقى جميع ضياعهم ومزارعهم وهم يزرعون على ذلك السقي ولا يحتاج زرعهم إلى سقي آخر بقدرة السميع العليم، ومخرج النيل من جبل القمر ولا يكاد يتوصل إليه أحد لبعد المشقة وطول المسافة وفي كتاب الاكتفاء ما نصه، وكان عمرو بن العاص يقول ولآية مصر جامعة تعدل الخلافة وقال نيل مصر سيد الأنهار سخر الله له كل نهر بين المشرق والمغرب فإذا أراد الله أن يجريه أمر الأنهار فأمدته بمائها وفجر له الأرض عيونا فإذا انتهت جريته إلى ما أراد الله سبحانه أوحى كل ماء ان يرجع إلى عنصره انتهى، ثم جلنا من مصر في أعظم المصر، وحللنا منها اكرم المحل واسنى القطر، واجتليناها أوضح من البدر عند الفجر وأعطر من الزهر غب القطر فنسي كل ذي غربة وطنه وود ان لو قطع فيها عمره وزمنه وكفاك منها قول القائل:
لعمرك ما مصر بمصر وإنما ... هي الجنة الدنيا لمن يتبصر
فأولادها الولدان والحور عينها ... وروضتها الفردوس والنيل كوثر
1 / 34