كنت أتردد بها إلى المسجد العتيق الحافل الذي بناه عمرو بن العاص ﵁ وإليه ينسب اليوم فأرى جامعا منيرا ومسجدا كبيرا له صحن فسيح وسوار حافلة ومقاصر من العود عجيبة وتواريخ مكتوبة بالخط الحافل المذهب كثيرة فمنها ما كان مكتوبا على المحراب ونصه بسم الله الرحمن الرحيم إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر النصر والتمكين والفتح المبين لمولانا وسيدنا الإمام المستضيء بأمر الله أبى محمد الحسن أمير المؤمنين أمر بتجديده الملك الزاهد الناصر المجاهد صلاح الدنيا والدين أبو المظفر يوسف وفقه الله تعالى لطاعته في سنة ثمان وخمسمائة، وفي داخل القاهرة شاهدت المشهد العظيم حيث رأس الحسين بن علي بن أبي طالب ﵁ وهو تابوت فضة قد بني عليه بنيان محتفل يقصر الوصف ويقف الطرف فيه ولا يحيط الإدراك به مجلد بأنواع الديباج محفوف بأمثال السواري الكبار من الشمع الأبيض موضوعة في قواعد فضة خالصة، ومنها مذهبة وقد علق عليه قناديل الفضة وصفف أعلاه كله بأمثال التفافيح ذهبا في مصنع شبيه الروضة يقيد الأبصار حسنا وجمالا، فيه من أنواع الرخام المجزع الغريب الصنعة البديع الترصيع ما لا يتخيله المتخيلون ولا يلحق أدنى وصفه الواصفون، والمدخل إلى هذه الروضة المباركة على مسجد مثلها في الحسن والغرابة والترصيع البديع والأمثال البديعة الصنعة من الديباج معلقة على الجميع والناس من لازدحام على هذا المشهد الكريم والإحداق به والانكباب عليه والتبرك به والتضرع لديه كل مرئ هائل عظيم والأمر فيه كبير يفوت التقدير ولكنا اختصرنا القليل من الكثير، ووقفنا موقف العجز والتقصير،) وبداخل القاهرة (أيضا شاهدت المشهد العظيم مشهد السيدة نفيسة ﵂ فرأيت مسجدا عظيم الاحتفال قائما في الحسن فيه من الذهب وأنواع الصنعة به يحصره العد ولا يجمع إلا ذلك النضد ينتهي إليه الداخل بعد ثلاثة أبواب هائلة بديعة بين كل وباب فضاء واتساع يجري بينها مياه غزيرة عذبة وفي قبلة المسجد باب من المسجد حافل فوقه مكتوب بالذهب هذا مشهد السيدة نفيسة بنت الحسين بن زيد بن الحسين بن علي بن أبى طالب ﵃، وفي داخله مسجد آخر أصغر منه جرما وأتم حسنا وأعظم إتقانا وصنعة، وفي قبلته باب بديع إلى قبة عجيبة تتوقد ذهبا وتلألأ جمالا تكل الإفهام، وتحار الأوهام في تخييلها وتمثيلها. فمنها مشتبهات في النقوش، ومؤتلفات ومختلفات في الرقوش، وقد أنارت بالمضاوي أبهاؤها فتساوي صباحها ومساؤها، وتحت هذه القبة الضريح المبارك حوله من الرخام البديع المجزع الغريب الترصيع وشبابيك العود البديعة التخريم وكواكب الفضة والذهب وقناديل التبر الخالص الإبريز واستار الديباج الغريبة التطريز وسواري الشمع الأبيض المتناهية الغلظ الرائعة الصنعة على قواعد الذهب والفضة، ما يستوقف الأحداق حسنا وجمالا ويختبل الأذهان الثاقبة اختبالا وتزف ظلاله على المشهد الكريم أموالا وشاهدت) بداخل القاهرة (أيضا المسجد المعظم حيث مشد السيدة زينب ﵂ وهو على هيئة هذا المتقدم الذكر ونوعه وعلى بابه مكتوب هذا مشهد السيدة زينب أبنة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ﵄ ودخلت بخارج القاهرة المشهد العظيم المقدس حيث تربة زيد بن الحسين بن علي بن أبي طالب ﵄ وهو مثل ما تقدم من الصفة والترتيب ولهذا في جملة أبوابه دفة من الحجر الصلد المنحوت لوحا واحدا أعددت في طولها تسعة أشبار وفي عرضها خمسة أشبار، ثم قصدت القرافة وهي ما بين مصر والقاهرة بلدة كبيرة منفردة بنفسها مستقلة بأسواقها ومساجدها وهي إحدى العجائب بما تحتوي عليه من مشاهد الأنبياء صلوات الله عليهم وأهل البيت رضوان الله عليهم والصحابة والتابعين والعلماء والزهاد والأولياء ذوي الكرامات الشهيرة والأنباء الغريبة نفعنا الله تعالى بحبهم وأفاض علينا من بركاتهم بمنه، ومما رأيت فيها قبر أبى النبي صالح ﵇ وقبر يعقوب أخي يوسف ﵈ وقبر آسية وقبر جماعة من أهل البيت ﵃ على كل واحد منها بناء حفيل بديع الإتقان عجيب البنيان عليها تواريخهم مكتوبة بأسمائهم منها قبر علي السجاد زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي اللهم عنهم وقبر القاسم بن محمد بن جعفر الصادق بن محمد بن
1 / 35