وممن لقيته بها من الأمجاد، والعلماء النقاد، الشيخ العدل شرف الدين أبو البركات محمد بن الشيخ الإمام العدل المرحوم فخر الدين أبو بكر محمد بن الشيخ الإمام العالم المصنف شهاب الدين أبى محمد عبد الكريم ابن عطاء الله الجذامى الإسكندري، له حسب صميم، وسلف في العلم قديم ومنهج على السنة قويم، وبيت له للعلم والدين تعظيم وتفخيم، فلله ما هنالك من خيم، ومنادى لا يدخله ترخيم، ومنتهى لا يعرف نحوه إلا منطق دلق ولفظ رخيم. فهو كريم النجار، كبير الكبار، خير الأخيار، طاهر اللذات، فاضل الذات، كامل الأدوات، كثير الآيات، عالي الروايات، عالم بالشرعيات، واقف على الطبيعيات، عف السريرة، حسن الصورة والسيرة، طريف المنازع، ذكي المبادئ والمقاطع، سهل العبارة نبيه التنبيه والإشارة، كأنه لطيمة مسك أو شهدة مشتارة. ذاكر الحديث والفروع، سالك على ألسن المشروع، عارف بعقد الشروط ناظم لتلك السموط، عاقد مجيد، باحث مفيد، إمام مفتي عالم مدرك عدل مبرز.
من معشر أوصافهم ... كالمسك لذ لمن نشق
فحديث آخرهم زكا ... وحديث أولهم عبق
لقيته بدكانه من الشهود بالإسكندرية، وجالسته كثيرا مغتنما لفوائد مجالسته، متنعما في حدائق مؤانسته، وسمعت عليه وأجازني إجازة تامة مطلقة عامة، وكتب لي بخطه.
وممن لقيته بها من العلماء المسندين والأولياء المهتدين: الشيخ العالم شرف الدين أبو العباس أحمد بن أبى الحسن علي) بن عبد العزيز ابن عبد الله الكتامى الشافعي، الشهير بابن المصفى أرضاه الله تعالى: شيخ المعارف والفضائل وإمام الأكابر، وصدر المجالس والمحافل، بدر الإشارة لسرى القوافل، له المناقب الثواقب والمواهب السواكب، والفوائد الفرائد، والمناهج المباهج وله بالعلم عناية، تكشف العماية، ونباهة تكشف النزاهة، دراية تعضد الرواية فكلامه تنثر طرفه وتتهادى تحفه فارق لين المهاد، ورافق العبادة والاجتهاد، وانعطفت قناته وهبت بحركاته سكناته، ذو خشبة لله ومراقبة له كثير الدعاء دائم الصبرة شديد التواضع عالم صالح فاضل.
محامد فاز في الدنيا بعاجلها ... وفي القيامة أجر غير ممنون
لقيته بمنزلة من الإسكندرية، فسمعت عليه تصانيف جملة، وتلقيت منه فوائد جمة، وقرأت عليه بلفظي جميع كتاب الشهاب للقضاعي رحمه الله تعالى، وحدثني به عن شيخه سعد الدين عبد الرحمن بن حسن بن حمزة لجميعه من لفظه وسنده في برنامج روايتي وحدثني به أيضا عن الشيخ أبى البركات هبة الله بن زوير الأزدي الإسكندري إجازة ان لم يكن سماعا قال أخبرنا الشيخ أبو القاسم بن حمزة بن موقى السعدي الأنصاري سماما عليه من المدارك سماعا عن المؤلف سماعا، وسمعت عليه جزءا وافرا من كتاب موطأ الإمام مالك بن أنس ﵁، وتناولته أجمع من يده المباركة، وله فيه علو زائد، وألبسني خرقة التصوف، وأخبرني انه لبسها عن الشيخ الإمام القدرة شمس الدين أبى عبد الله محمد بن موسى بن النعمان الهذلي بسنده فيها، وقرأت عليه بلفظي جميع الجزء المسمى تنبيه المذنب بالطير والحوت قبل ان يموت تأليف شمس الدين أبى عبد الله بن النعمان المذكور، وحدثني به عنه سماعا عليه، ومما انفرد بالعلو فيه سماعه غير مرة لجميع القصيدة الفقهية في الحجة والزورة المحمدية على ناظمها الشيخ الإمام الصالح مجد الدين أبى عبد الله محمد بن أبى بكر البغدادي الواعظ رحمه الله تعالى وأولها:
أيا عذبات البان من أيمن الحمى ... رعى الله عيشا في حماك رعيناه
سرقناه من ريب الزمان وصرفه ... ولما سرقنا العيش منه سرقناه
وجاءت جيوش البين يقدمها القضا ... فبدد شملا بالحجاز نظمناه
وسماعه كذلك لجميع القصائد الوترية المضمنة مدح أشرف البرية لناظمها مجد الديد وأولها:
أصلي صلاة تملأ والسماء ... على من له أعلى العلا متبوأ
أقيم مقاما لم يقم فيه مرسل ... وأمست له حجب الجلال توطأ
إلى العرش والكرسي أحمد قد دنا ... ونورهما من نوره يتلألأ
وقد قرأت جميع ذلك كله عليه بلفظي بمنزله المذكور، وقرأت وسمعت عليه ذلك وأجازني وكتب لي بخطه ومولده في شعبان سنة تسع وأربعين وستمائة، وأنشدني في غير مرة، وقال: أنشدني الشيخ أبو عبد الله محمد بن أبى بكر الواعظ المذكور لنفسه:
1 / 26