أراكد الحما قل لي بأي وسيلة ... توسلت حتى قبلتك ثغورها
تنال الذي ما شئت منها وتشتهي ... فصف لي ريا منها فأنت خبيرها
ومالي بها علم فهل أنت عالم ... أأفواها أولى بها لأم نحورها؟
يفوح النسيم الرطب من كل منزل ... وما كل أرض يستطاب عبيروها
وان فروع البان من بطن وجرة ... شهي إلينا ظللها وحرورها
ألذ من العذب الجنى عرارها ... وأشهى من الشهد المصفى رحيقها؟
على رسلكم في الحب أنا جماعة ... إذا ظفرت بالحب عف ضميرها
لعمرك ما سحر الغواني بقادر ... على ذات نفس والمشيب نذيرها
وما الشعرات البيض إلا كواكب ... مطالعها رأس وفي القلب نورها
هكذا أملاها على بلفظه، ﵁، وقرأتها عليه بلفظي مصححها لها مرة ثانية وأنشدني أيضا قال هما لأبي الحسن أبن الزقاق ﵁.
وحبب يوم السبت عندي أنه ... ينادمني فيه الذي أنا أحببت
ومن أعجب الأشياء أني مسلم ... حنيف ولكن خير أيامي السبت
فهؤلاء سبعة الدرارى في علو المقام، أو كسبعة الأيام المحيطة بأزمان أكوان الأنام، آثرت ذكرهم انتقاء من أولئك الجهابذة الأعلام، واقتصرت في عددهم على احب الأوتاد إلى الملك العلام، ولما أراد الله سبحانه ان يسعدني بالأخذ عنهم، ويسعفني في الاستفادة منهم، قيض أول من علم غيبة، ووفر جوده وسيبه، ولطائفه الخفية، وعوارفه الالاهية، صديقا في المحبة، وموافقا على الصحبة، حافظا في الصخور والغيبة،
خير أخوانك المشارك في المر ... وأين الشريك في المرأينا؟
الذي ان حضرت سرك بالود ... وان غبت كان أذنا وعينا!
هو الشيخ الفقيه العالم أبو العباس النقارسى، نفع الله بمودته، حافظ مجيد، وحامل مجيد، وناقل سديد وناقد شديد، وعالم فريد، ومدرس مقيد، له طبع حل فيه الذكاء والنبل، وقل فيه لوابل كرمه الطل والوبل، ان وأخاك رأيت الأنس قد ارتدت ذواهبه، وعادت مذاهبه، ووجدت الزمان قد لانت صعابه، وبانت شعابه، وأولاك ودادا أخلصت سريرته، وحمدت في شرعة الوفاء سيرته، فلا حمد إلا ما قد تصفحته له صفحات الفلا، ولا عهد إلا ما حفظه وإلا فلا،
وحسن الوفاء مرشح بخلائق ... تجري مع الماء الزلال إذا جرى
رحل من بلدة تلمسان قبل أن يلم بها الحصار، ويلقى ريحها الإعصار، ويشرب الزمان صفوها بالأكدار ويحكم فيها الخطوب والأقدار، ويدير عليها من البلاء والمحنة ما أدار، فكانت منه فعلة سنية ونقلة سرية، وفراسة اياسية، والماعية عباسية، فدخل الحضرة مشمرا عن ساعد الجد، ومقتادا بقائد الجد، فطلع في آفاقها كوكبا، ورسى في ساحتها كبكبا وجال في ميدانها ركضا وخببا، وتعلق بعروتها الوثقى سببا فسببا، ولم يزل يفحص في هذه المسالك على الكمال، ويستقي من مناهلها العذبة السلسل الزلال إيثارا للرتب المنيفة، واستطلاعا للمقامات الشريفة، فبلغ المنتهى، وخول ما اشتهى، وحل في الحظوة فوق السهى، فهو الآن أحد المدرسين الأعلام، وأوحد من برع في علمي البيان والكلام، وأوجد الناس للدر إذا خاض بحر العلوم بسوابح الأقلام، أديب العصر ونحويه، وعرضيه وبيانيه، وحكميه ومنطقيه، وعددية وفرضية، وأصولية وجدلية، وتعاليجية وأرتماطيقية، جمع أشتات هذه الفضائل وكان فيها صائلا ليس بضائل، وعلم اللغات وسائرها، وفك الأعاريض ودوائرها، إلى إحاطة بعلم التفسير والحديث، وسلاطة على المطالعة والمذاكرة في القديم والحديث، أما الفروع والأصول فبه كنت فيهما أصول، ولم ترعيني قط شرقا وغربا أسرع منه نسخا وكتبا، ولا أقرأ لكل خط ما عسى أن يكون صعبا، على جودة خطه وصحة نقله وضبطه، وإتيانه للسحر الحلال بأي شيء أخذ من الأرض لا يميل بشقه ولا يفطه.
كالحية الرقشاء إلا انه ... يستنزل الاروى إليه تلطفا
يهفو به قلم يمج لعابه ... فيعود سيفا صارما ومثقفا
1 / 19