215

============================================================

فبنوا له مسجدا ثم بنوا له رباطا ومساكن حوله، ثم قصده الناس من كل ناحية وسكنوا عنده حتى صارت قرية كبيرة، وصحبه جمع كثير وتحكموا له، فرباهم أحسن تربية وأقام الجمعة والجماعة، وكان لا يتميز عن أصحابه بشيء.

يحكى أن بعض الفقراء استعمل عنده مصاون لنساء الفقراء، وأمر الصانع أن يعمل في واحد منها خيطا من الحرير، فلما فرغوا وصل بهم إلى الشيخ فقال له: لم عملت لهذا علما؟ فقال: هذا لأم الفقراء يعني زوجة الشيخ، فأخذه الشيخ وقطع منه الحرير فصار أقبحهن، فلبسته أم الفقراء على ذلك، والمصون بكسر الميم وسكون الصاد المهملة وفتح الواو وآخره نون، شيء يعمله نساء أهل الجبل على سبيل الخمار، ويحكى أنه وصله فقير بقليل زبيب، فأمر النقيب آن يجعل عليه ماء ثم يتركه ساعة، ثم قال له دربه على من في الرباط يشربون منه، قال الجندي: وأقبل الناس على الشيخ بالفتوحات الكثيرة، فكان يقبلها قبول فارغ منها، فلا يكاد يبيت عنده منها شيء إلا ما وصل فرقه على الفقراء والوافدين وغيرهم، وكانت وفاة الشيخ المذكور سنة ثمان وستين وستمائة، وخلفه في القيام بالموضع جماعة من أولاده وأصحابه وسلكوا طريقته رحمه الله تعالى ونفع به امين.

أبو الحسن على ين سالم بن عتاب بن فضل بن ود العبيدي بفتح العين المهملة وكسر الموحدة وسكون المثناة من تحت وكسر الدال المهملة واخره ياء نسب، وقد يقال له أيضا العميدي بالميم عوض الباء الموحدة، فالعبيدي نسبة إلى جد له، والعميدي نسبة إلى وادي عميد، وهو على نصف مرحلة من مدينة الجند، كان المذكور فقيها عالما عارفا تفقه بجماعة كالفقيه سفيان الأبيني المقدم ذكره وغيره، ثم غلبت عليه العبادة وشهر بالصلاح واستجاية الدعاء، بحيث كان يقصده الناس من أنحاء كثيرة لالتماس دعائه، وكان إذا قام لورده من

مخ ۲۱۵