212

============================================================

النوم يعاتبانه ويقولان له: بالله لا تقطعنا من القراءة والدعاء كما كنت تفعل، ثم أشارا إلى رجل قريب منهما وقالا هذا الفقيه علي بن أبي بكر حمالتنا عليك لا تقطعنا ما كنت تهديه إلينا، فقال الفقيه: نعم، إن والديك قد تحملاني عليك فاقبل واعمل معهما بحسب ما سألاك، قال: فقلت سمعا وطاعة يا سيدي لك ولهما، ثم استيقظت ولم أقطع عنهما ذلك، قال الحاكي: ثم بعد ذلك بمدة أصابني وجع في صدري فاتعبني، فخطر في خاطري زيارة الفقيه والدعاء عنده، ثم نمت عقيب ذلك، وإذا بي علي الفقيه، فسألته أن يمسح بيده على صدري، ففعل فأخبرته أن غرضي زيارته، فقال: صل مرحبا بك فلما أصبحت عدوت إلى قبره، فوجدت في شجرة من شجر الرمان الذي عنده حبة رمانة ولم يكن وقت رمان، وكان من عادة هذا الرمان الذي عند قبره أن يكون حامضا، فوجدت تلك الحبة حلوة فأكلتها فكانت سبب العافية، قال الجتذي: وقبره في مقبرة قرية المخادر تعرف بالمسدارة، بكسر الميم وسكون السين المهملة وقبل الألف دال مهملة وبعده راء مفتوحة ثم هاء تأنيث، وهي من الترب المشهورة بالبركة، قال بعض الصالحين: رأيت النبي يل وهو يزور أهلها وهم يسألونه الشفاعة فقال: هذا خاتمي ذمام على أهل المسدارة من النار، قال: ولما كان ذلك مستفاضا لم يكن أحد من أهل القرية ونواحيها يحب أن يقبر إلا فيها تعلقا بهذا الأثر.

أ بو الحن علي بن الحسن الأصابي كان فقيها عالما فاضلا كاملا، تفنن في كثير من العلوم حتى صار صاحب الوقت المشار إليه، ولما ابتنى الملك المظفر مدرسته في مدينة تعز، سأل عن أعلم فقهاء العصر فدل على هذا الفقيه، فجعله مدرسا بها فلم يقم إلا مدة يسيرة ورجع إلى بلده واشتغل بمطالعة كتاب الأحياء للإمام الغزالي، فمال إلى العبادة ورغب في العزلة عن الناس، وقصد موضعا قفرا لا يسكنه إلا الوحوش والسباع، فكان يخبر أنه لما قصد هذا الموضع لم يهب شيئا ولا فزع من شيء، وأنه كان يخالط السباع،

مخ ۲۱۲