وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم، بذل صحابته - رضي الله عنهم - ما بوسعهم للحفاظ على كيان المجتمع المسلم، ومواصلة السير في الخط الذي رسمه لهم؛ لهذا اتفق المسلون قاطبة على احترامهم، وتقدير دورهم، لكن ما وقع بينهم عقب وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من اختلاف في تحديد الأولى بخلافته، حيث أيد بعضهم بيعة أبي بكر، ورأى البعض الآخر أن علي بن أبي طالب أولى وأحق، وما تبع ذلك من تداعيات، ألقت بظلالها على تلك الصورة، وترك مجالا لتحليل المواقف، وتقديمها في صور مختلفة، رغم نجاح الصحابة في احتواء ذلك الخلاف بفضل التربية الروحية التي تلقوها على يد أعظم معلم وأنجح مرب، فلم يبلغ بهم الحال حد العداوة والمواجهة.
ومع مرور الأيام وتعدد الأهواء توسعت الشقة أكثر فأكثر، وحشر في المسألة ما ليس منها، واستغلت في الصراع الطائفي أسوأ استغلال، حتى صارت عاملا من عوامل التفرق والخصومة بين المسلمين.
وزاد الوضع سوءا إفراط المتمذهبين - من سائر الأطراف - في التعصب والمبالغة، حيث اعتبروا الموافقة في تقييم تلك الأحداث والحكم عليها مقياسا للهداية والضلال، ومرجعية للولاء والبراء، وصارت هذه المسألة من أكثر المسائل سخونة وحساسية، وبلغت ردود الأفعال السلبية فيها مداها.
مخ ۶