ولما استقر بالكرك توالى الناس من كل جانب، وتوافدوا عليه من كل جهة، فاجتمع عنده في أيام قلائل ألف وخمسمائة فارس من الأمراء وغير هم مثل الأمير ركن الدين الصيرفي، والأمير بدر الدين بلغاق الأشرفي، وجماعة مثل الأمراء أولاد برکه خان وغيرهم، وعز الدين الحموي الصالحي، وجمال الدين هارون التيمري، وعز الدين بن خان بردی، وعلم الدين الكبش، وسنقرجاه الغرسي، وعز الدين الحواش، وسيف الدين تتكياجكا، وسيف الدين بلجي، وحسام الدين بن أطلس خان، وجمال الدين أقوش السلاح دار، وحسام الدين الأصبهاني الصالحي، وجماعة كبيرة. وصارت الجماعة بعد الجماعة يصلون إليه من القاهرة المحروسة، فاحتمت عنده جماعة كبيرة ؛ فأحسن إلى جمعهم، وتلقاهم بالإحسان، وأخذهم ووصل بهم غزة، ثم ركب السلطان على خيل البريد، وساق إلى الكرك، وحسن لصاحبها النزول، والاختلاط بالعسكر، فنزل صحبته وسارا حتى وصلا غزة. وكان الأمير عز الدين الرومي الصالحي قد تخيل في مصر أمورا أوجبت مسيره إلى جهتهم، فاجتمعوا كلهم وساروا.
وبلغ العساكر المصرية، فخرجت صحبة الأتابك، والأمير سيف الدين قطز، فالتقوا على الصالحية، وكان قد فقدت جماعة من الحلقة ، فبينا السلطان فيما هو فيه من كر وفر، إذا بالعساكر المصرية قد أقبلت، والعساكر الكركية قد فرت وقفلت، بعد ما كانت کرت ؛ فلم يمكن السلطان إلا اتباعها، فساق وعليه واقية باقية من شجاعته، وحصن حصين من بسالته وكان الله - سبحانه ! - قد أخر هذا الفتوح ليكون. اليه مصيره، ولديه تقديره.
مخ ۵۹