حكى السلطان قال : «لما توجهنا إلى غزة فسدت النيات وتغيرت، وحصل اتفاق جماعة على أنهم يلعبون بالسيف في بعضهم البعض، فتضرعت إلى الله - تعالى ! - في أن لا ينصرنا، وأن يهلك الجيش الذي ينوي الغدر والفساد، وسألت الله أن يرمي الكسرة علينا، وأن أكون أنا أسلم. فكان ما قدره الله - تعالى ! - ورجع السلطان إلى الكرك سالم، وقد سكنت مهابته القلوب، وضربت به الأمثال في حسن الدخول في الحروب والخروج منها.
ولما وصل إلى الكرك ما مكنه صاحبها من الدخول عليه، وقال : « ينزل في الثنية هو وخشداشيته ». فقال السلطان له : «آن کنت ما أصلح لخدمتك أنا التقيا استاذة أخدمه ». فخاف الملك المغيث من هذا القول،
وأخذ السلطان في جمع من عنده من خشداشيته، وذلك في سنة سبع وخمسين، وأغار على الغوريات والساحليات، حتى وصلت الغارة إلى قریب دمشق. وسير الملك الناصر عسكرة إلى غزة، مقدمه الأمير مجير الدين بن أبي زكرى، فهز مهم، وأسر الأمراء، ونهب ذلك العسكر، وكانت عدته ألفي فارس، والسلطان وجماعته في ستمائة فارس، منهم ثلاثمائة مقاتلة، منها سبعون فارسة سنجقية. فحمل عسكر الشام على جماعة السلطان فانكسرت ميمنتهم والميسرة، ولم يبق إلا السنجقية، وهم سبعون فارسا، فحملت على معسكر الشام فكسرته، وقتل این در باس، وأسر ابن أبي زكري وغيره ؛ وأبيعت البطيقه بفرس في غزة.
ووصل المنهزمون إلى دمشق، فخرج الملك الناصر بنفسه إلى هذه الجماعة
مخ ۶۰