قال أحمد: إنه يقول إنما يضطر أن يحيد عن الشكل المحيط المدور فى أوانى العمل ويتبعه بسائر الأعمال، إذ كان عاجزا عن تركيب مثل الأشخاص العلوية المحللة والميبسة والمدبرة لما يحوى؛ فلما كان ذلك كذلك، اضطررنا إلى المستطيل من الإناء للعمل، لأنه ربما لا يصفو الشىء إلا بأن تبعد مسافته إلى التصعيد — إلى غير ذلك مما يحدث فى العمل ويعرفه المدبر له. وفى الفلك أشخاص تصفى بأجرامها ما يبقى فى الشىء من الكدر بعد الصعود، ومنها ما يمنع الصافى عن الهبوط ويهبط الكدر.
قال أفلاطون: وتحرز أن لا تكون الآنية رقيقة فتنكسر ويكون مع ذلك الفساد سريع النفاذ. ولا يجب أن تبلغ بها فى غلظ الجرم ما يبطئ العمل.
قال أحمد: أولى الأشياء فى الأمور التوسط. وجميع الأوانى إذا رقق جرمها فإن الكسر يسرع إليها والفساد إلى العمل سريع فيها. والثخين من الآنية يمنع القوى عن الأثر؛ فيجب أن تكون متوسطة الصنعة ليعتدل الأمر فيها.
قال أفلاطون: وتفقد ما تحل فيما تحل، وهل هو ضار له أو موافق.
قال أحمد: إن المحلل للشىء مضطر أن تحلله برطوبة وحرارة لأنه لا ينحل الشىء إلا بدخيل رطب يدخل عليه، ولا يداخل الرطب الشىء اليابس، خاصة إذا كان بينه حاجز، إلا بحرارة توصل تلك الرطوبة إلى الجنس اليابس. فيقول الفيلسوف: أن تنظر فيما يحل فيه العمل من الأشياء الرطبة ما هى، وهل هى موافقة للعمل، مصلحة له أو ضارة مفسدة.
قال أفلاطون: والجنس من الحيوان، وإن كان سريعا فيما يراد، فإنه يعفن إذ كان الجنس اللحمى.
قال أحمد: يعنى بالجنس من الحيوان الزبل والدم وغير ذلك مما يحل به أهل هذه الصناعة العمل. فيقول إنه وإن كان سريعا لما قد بقى منه من القوة الحيوانية فهو عفن معفن إذ كان 〈فى〉 الجنس اللحمى عفونة الطبائع.
قال أفلاطون: والزبل أشد عفونة والدم أشد تداخلا.
مخ ۱۷۴