قال أفلاطون: وكيف لا يكون كذلك، وقد جمع بين الماء والنار؟! قال أحمد: وهو بما أن النار التى يصف الفيلسوف هى نار المرارة، فإنها ركن النار فى بدن الإنسان؛ والماء البلغم، وقد اجتمعا على نضج الغذاء وجذب قوته حتى استحال منه ما استحال، فيقول الفيلسوف: إنه مما يحتاج فى العمل لأن من جمع بين الماء والنار واستفعلهما وفعل بهما، فقد أدرك الجزء العظيم من أجزاء هذا العمل.
قال أفلاطون: وكما أن الثفل من الحيوان يستعان به فى ضبط القوى وجذبها فواجب استعماله فى مثل ذلك — إلى أن قال: فهو يظهر كما تراه يظهر.
قال أحمد: إنه قد تقدم القول فى ذلك وتبين للعامة، فضلا عن العلماء، ما قاله الفيلسوف فى السماد، لأن السماد يجذب القوى التى تظهر بعد فى النبات. فالثفل من العمل كالسماد من الإنسان. والفيلسوف يأمر أن يفعل به كما نفعل بالسماد ليلحقنا من الرفق فى ذلك ما يلحق مستعمل السماد.
قال أفلاطون: وجعل الإله عز وجل فينا جزء الشهوة للطعام ليكون مشغلا للروح الطبيعى عن أذى النفس العقلى. كذلك يجب على العامل أن يلبس العمل فى أوان استعماله ما يكون غرضا للاحتمال عنه.
قال أحمد: إن النفس الطبيعية إنما ربط بها الشهوة للأغذية والحاجة إليه ليكون مشغلا لها عن منابذة النفس العقلية. فإذا منعت الغذاء، أعنى الطبيعة، كان داعيا إلى مضادتها ومنابذتها الروح الحيوانية تضادا ومنابذة تؤدى إلى الخبال. وكذلك إذا كان العمل فى أوان التكليس لم يكن لابسا جزءا قويا مقاوما، فإنه يخاف على العمل الفساد والدمار.
قال أفلاطون: والإناء المدور إنما جعل مدورا إقتداء بالسفل والعلو — إلى أن قال: فهو أشبه الأشياء بما يراد توليده فيه، وبالشكل ما يتشكل الشىء.
مخ ۱۶۵