226

مروج الذهب او معدن جواهر

مروج الذهب ومعادن الجوهر

والذين سموا غسان من بني مازن الأوس والخزرج، ابنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو مزيقياء، وجفنة بن عمرو مزيقياء، والحارث وعوف وكعب ومالك بنو عمرو مزيقيا، والوم وعدي ابنا حارثة بن ثعلبة بن امرىء القيس بن مازن بن الأزد. وللقوم أخبار في تفرقهم، ومن دخل منهم في معد بن عدنان وما كان بينهم من الحروب إلى أن ظفرت بهم بنو معد، فأخرجتهم إلى أن لحقوا بالسراة - والسراة جبل الأزد الذي هم به يقال له السراة، ويقال له: الحجاز، وإنما سمي السراة من هذا الجبل ظهره، فيقال لظهره السراة كما يقال لظهر الدابة السراة، فأقاموا به وكانوا في سهله وجبله وما قاربه، وهو جبل على تخوم الشام، وفرز بينه وبين الحجاز مما يلي أعمال دمشق والأردن وبلاد فلسطين ويلاقي جبل موسى.

عبادة أهل مارب وصنعهم مع رسلهم

وقد كان أهل مأرب يعبدون الشمس، فبعث الله إليهم رسلا يدعونهم إلى الله، ويزجرونهم عما هم عليه، ويذكرونهم آلاء الله ونعمته عليهم، فجحدوا قولهم،وردوا كل أمه م، وأنكروا أن يكون لله عليهم نعمة، وقالوا لهم: إن كنتم رسلأ فادعوا الله أن يسلبنا ما أنعم علينا، ويذهب عنا ما أعطانا، وفي ذلك تقول امرأة منهم كافرة:

إن كان ما نصبح في ظلاله ... من ربكم فلينطلق بماله

إليه عنا وإلى عياله،

فأجابتها امرأة مؤمنة، فقالت:

لولا الإله لم يكن عيالنا ... ولم يسع عيالنا أموالنا

هوالذي يجيبنا سؤالنا ... ويكشف الغم إذا ما هالنا

فدعت عليهم الرسل فأرسل الله عليهم سيل العرم، فهدم سدهم وغشي الماء أرضهم، فأهلك شجرهم وأباد خضراءهم، وأزال أموالهم وانع أمه م، فأتوا رسلهم فقالوا: أدعوا الله أن يخلف علينا نعمتنا، ويخصب بلادنا، ويرد علينا ما شرد من أنعامنا، ونعطيكم موثقا أن لا نشرك بالله شيئا، فسألت الرسل ربها، فأجابهم إلى ذلك، وأعطاهم ما سألوا، فأخصبت بلادهم، واتسعت عمائرهم إلى أرض فلسطين والشام: قرى ومنازل وأسواقا، فأتتهم رسلهم، فقالوا: موعدكم أن تؤمنوا بالله، فأبوا إلا طغيانا وكفرأ، فمزقهم الله كل ممزق، وباعد بين أسفارهم.

قال المسعودي: وإذ قد ذكرنا جملأ من أخبار السد وبلاد مأرب، وعمرو بن عامر، وغير ذلك مما تقدم ذكره في هذا الباب، فلنرجع الآن إلى أخبار الكهان.

أول كهانة سطيح الغساني

وكان أول ما تكهن به سطيح الغساني أنه كان نائما في ليلة صهاكية مظلمة مع إخوله في لحاف، والحي خلوف، إذ زعق من بينهم ورن وتأوه، وقال: والضياء والشفق، والظلام والغسق، ليطرقنكم ما طرق، قالوا: ما طرق يا سطيح؟ قال: ما طرق إلا الأجلح، حين سرى الليل البهيم الأفلح، وولاهم بسردح، قالوا: وما علامة ذلك يا سطيح؟ قال: أمر يسد النقرة، فوحبسة في الوجرة. وحرة بعد حرة، في ليلة قرة، فانصرفوا عن قوله، واستهانوا بأمره، وتعاصفت مرود من أودية هناك، ففاجأتهم في ليلة بارعة قرة كما ذكر، فساقت الأنعام والمواشي، وكادت أن تذهب بعامتهم.

ولسطيح الكاهن ولشق بن صعب أخبار كثيرة عجيبة: منها رؤيا تبع الحميري في أن جمرة خرجت من ظلمة، فوقعت بأرض تهمة، أكلت منها كل ذات جمجمة، وما فسراه له في ذلك، وكذلك خبرسطيح، وعبد المسيح في رؤيا الموبذان، وارتجاج الإيوان، وخبر سملقة وزوبعة، وما كان من أمرهما، وخبر شأن الظليم والشجرة، وما كان بين عك وغسان من الحرب في رقة اللبن وحلاوته وثخنه، ونزول غسان أعلى الوادي ، وعك في أسفله، وما كان في ذلك من القيافة بينهم في طلوع الشمس وغروبها على إبلهم، وخبر السموال بن حسان بن عادياء، وما كان من أمره، وأمر خازن الكاهن، وما قاله حين طرقه ليلا، وانقياده إلى ذمته، وما كان من العير الأقمر، والظليم الأحمر، والفرس الأشقر، والجمل الأزور، والشيخ الأحقر، وغير ذلك مما ذكرناه فيما سلف من كتبنا، في أخبار الزمان والكتاب الأوسط، والله أعلم.

ذكر سني العرب والعجم وشهورها وما اتفق منها وما اختلف

مخ ۲۴۵