فإذا فتشت نفسك وجدتها تتكلم بكلام الخائفين مالم تقع في الخوف وتضطر إليه، وتقول قول الأبرار مالم تمتحن بالفتن، وتصف وصف الصادقين مالم تحتج(1) إلى الغاية، وتدعي دعوى الموقنين مالم تمتحن بالإخلاص، وتقول إنها من المتواضعين مالم يحل بها خلاف الهوى عند تهيج الغضب. فأنت تتوهم عند وصفها الصدق وإثبات الحق وحلاوة المنطق بالإخلاص والدعوى أنها كذلك؛ فإذا امتحنت في المواطن عند حقائق الأمور مع محاسن الوصف منك وجدتك مرائيا؛ فإذا أنت قد بلوت كل خلق وصفته وادعته، فإذا محضتها الحقيقة ظهر لله منها في تلك المواطن خلاف دعواها. فإن لم تكن في موضع الحق والإمتحان والإخلاص فعليك أن تنظر ما الآفة إذا كانت تحسن وصف الحق والصدق هل يوجد لذلك عند الإمتحان حقيقة؟ فإذا ابتليت بذلك، وفتشت عنه نفسك، رجعت ملتمسا لفساد عملك، فصح عندك بالعلم والبيان أنه من سقم قلبك، فصحح من قلبك الإرادة والنية في الصدق، ليوافق الوصف بلسانك حقيقتك، لا لتزين به بين المخلوقين فتعظم لذلك المعصية منك، فتغلط(2) الرجوع في توبتك، والويل العظيم من الله إن هجم عليك أجلك وهذه حالك، فعند ذلك فأطل الفكر، وصحح النظر، واستعن بالعلم، واسترشد العقل، وعليك بالإستعانة بالله، وصحح الضمير بالصدق لتقع على العلة التي فرقت بين محاسن الوصف منك وقبيح الخبر عند الإمتحان، ثم تدبر ما قد أظهره لسانك وكان قلبك(3) إذا وجدته يصف الحق والصدق فقضيت له وهو على خلاف ذلك عند حقائق الأمور.
مخ ۶۹۷