AUTO المنتزع من سياسة النفس

وله أيضا صلوات الله عليه (( منتزع من سياسة النفس ))(3) وهو الذي أوله: أصل خشية الله العلم، ثم قال في فصل منه رضي الله عنه.

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن رسول الله صلى الله عليه:

اعلم أن أربعا هي موجودة في كتاب الله عز وجل، وهي فرض من الله على عباده، بها يصلح الإيمان، وبها يبلغ شرف الدنيا والآخرة، وهي أصول الطاعات وفروعها، مأمور بها المؤمنون والمؤمنات جميعا، ولا ينفع عباده إلا بمعرفتها والعمل بها، فإذا ألزمها العبد نفسه أدته إلى درجة الصديقين، وسبيل المحسنين إن شاء الله.

أولها: معرفة الله جل ثناؤه. والثانية: معرفة عدو الله. والثالثة: معرفتك بنفسك. والرابعة: معرفتك العمل.

مخ ۶۹۲

فمعرفتك الله عز وجل؛ فهو: أن تعلم نفسك علم قربه منك، وقدرته لديك وقيامه عليك، ومشاهدته لك وعلمه بك، وأنه قريب حفيظ محيط، واحد أحد ليس كمثله شيء، لا شريك له في ملكه، وأن ما وعد به حق صدق، وأنه فيما ضمن به ودعا إليه وندب إليه وفي، وله وعد هو منجزه، ووعيد هو منفذه، ومقام للعبد منه يصير إليه، ومصدر يصدر عنه، وعذاب ليس له مثل، وثواب ليس له خلف، وأنه بر رحيم، ودود مجيب، قضاء للحوايج، كل يوم هو في شأن، يعلم الخفاء وفوق الخفاء ودون الخفاء، والضمير والخطرة، والوسوسة والهمة والإرادة، والحركة والطرفة، وما فوق ذلك وما دون ذلك، ولا يوصف ربنا تعالى بصفة، وأنه رازق وهاب تواب، فإذا ألزمت ذلك قلبك باليقين الراسخ والعلم النافذ، وقدرته في كل عضو منك ومفصل، وعرق وعصب، وشعر وبشر ونفس، أن الله جل ثناؤه قائم على ذلك، أحاط به علما قبل خلقك وبعد ما خلقك، فإذا ثبت ذلك في قلبك، وصح به عزمك وكلفه عقلك، وأنه علم اختيار لا علم اضطرار؛ ثبت منك حينئذ المحاسبة لنفسك، ووصلت إليك المعرفة، وفرغت إلى الله قلبك، وانخشعت له جوارحك، حذرا من سطواته وقدرته، وحياء منه لقربه ومشهده، فلم تسقط منك إرادة، ولم تنزل بك همة، ولا تباعدت منك نية، فصرت القائم للقائم بحقه وتوفيقه لك، وتركك لما كره منك؛ إذعانا(1) لجلاله، ومشاهدة لعلمه، ولا تكون منك همة ولا خطرة، ولا إرادة ولا وسوسة، ولا حركة ولا سكون ظاهرة ولا باطنة، ولا لحظة ولا لفظة، ولا شيء ظاهر ولا باطن إلا وربك جل ثناؤه عند ذلك وعلى ذلك شاهد خبير، وأنه قائم عالم بذلك منك قبل كونه، وعند بدء إرادتك له وفعلك بجوارحك، فأنت (2) بتوفيقه العالم الورع التقي له.

مخ ۶۹۳

ثم بعد ذلك معرفة عدو الله وعدوك إبليس، [الذي] أمرك الله بمحاربته وعداوته، ومجاهدته في السر والعلانية، لعلمك أنه قد عادى الله في عبده آدم صلى الله عليه، وضاره في ذريته، تنام ولا ينام، وتغفل ولا يغفل، دائبا في عطبك وهلاكك، في يقظتك ونومك، لا يألو بكل حيله وخدعه ومكائده في طاعتك ومعصيتك، ومالا يجهله كثير من الناس العابدين ليساوي بين العابد والفاجر.

واعلم أن ليس له همة(1) ولا مراده فيك قليل، إنما يريد أن يزيلك عن عظيم ثواب الله مع علمه بذلك، ويوردك معه حيث يرد حسدا ليشمت بك.

فإذا عرفته بهذه الصفة والمنزلة، لزم قلبك معرفته بلا غفلة ولا سهو، وحاربته حينئذ بعون الله وتوفيقه بأشد المحاربة، فلا تترك المجاهدة سرا وعلانية، ولا تفرط في ذلك ولا تغفل حتى تبذل مجهودك، فإذا لم تبق غاية منك إلا بذلتها؛ قصدت إلى ربك عز وجل بعذرك، بالبكاء والتضرع والإستكانة، جاهدا في ليلك ونهارك حتى يعينك عليه؛ وأنت بمنظر يراك وأنت تجاهد فيه من أمرك بجهاده، وتصل(2) مكايدته عندك بمعرفته، ألم يعرفك ذلك مولاك أنه عدو لك ولأوليائه وأصفيائه؟ فبلغ من غضبه عليك وأنت تكيده لغيرك، وتدل على محاربته ومكائده، وتحذر منه وتدل على عوراته؛ من ضعف علمه وتكيده وغروره؛ لتجاهد وتعلم ما يدلس على العمال والمريدين؛ إذا أنس منهم بالمعرفة فيه بعداوة الله وعداوة المؤمنين. فإذا كنت كذلك فقد وهب الله لك سلوك طريقين عظيمين سديدين، ومن سلك هذه المنزلة فليحذر ، وليجتهد عن ذلك أشد الحذر.

وعليك بالحفظ لما أعطيت والتيقظ، وترك الغفلة، لا تزل زلة، ولا تغفل غفلة، فيظفر بك وهو شديد الغضب عليك، لما علم من علمك بمكانه، وطلبتك لمعصيته وغضبه عليك وتنقصك منه؛ فيرميك رمية لا تقوم من صرعتك، ولا تفيق من سكرتك، واحذره أشد ما ترجو أو تأمل إن شاء الله.

مخ ۶۹۴

واعلم أنه ليس لك فرج منه ولا من مجاهدته إلا مفارقة روحك من جسدك فاحذره، فإنه ليس إلا أن تغتر فتهلك، أو تستقيم فتنجو.

وأما معرفتك بنفسك فتضعها حيث وضعها الله، وتقوم عليها بأحسن الرعاية والأدب كما أمرك الله؛ فحينئذ تعرف أي شيء هي؟ وما صفتها؟ وكيف حالها؟ وما طباعها؟ وإلام تأمر؟ وإلام تدعو؟ وكيف خلقها؟ وأنها ضعيفة في بنيتها، طمعة شرهة آمنة، مدعية للخوف والرجاء، أماني منها وغرور، صدقها كذب، ودعواها باطل، وكل شيء منها غرور، وليس لها تحقيق، وعلمها ظن، إن حللت عنانها شردت، وإن اطلقت وثاقها جمحت، وإن أعطيتها ما تريد هلكت، وإن غفلت عن محاسبتها والقيام عليها أدبرت، وإن تركتها تولت، ليس لها حقائق ولا مرجوع(1)، هي رأس القبائح، ومعدن الفضائح، وخزانة إبليس وكره(2)، إليها يأوي ويطمئن ويهلك ويوسوس، وهي بالصفة التي وصفها الله لرسوله صلى الله عليه وأهل خيرته وحجته على خلقه في قصة يوسف صلى الله عليه: {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم} [يوسف: 53] وكذلك أنت في ضعفك ووهى علمك.

واعلم أن كل شيء تظهر من الخوف فهو أمن، وكل ما ادعت من الصدق فهو كذب، وكل ما ادعت من الإخلاص فهو رياء لا حقيقة له، وعند الإمتحان ترجع عن دعواها، فأي بلاء أعظم من بلائها وما يحل بها وفيها؟ فإذا عرفت صفتها بحقيقتها ومعك في ذلك صدق دوام الإلتجاء إلى الله والفزع إليه منها؛ لم تضعف عنها، وهان عليك أمرها بعون الله وتوفيقه، وقواك الله عليها ما دمت ناظرا إليه وفزعا منه إليه، فإذا اجتمعت فيك هذه الخصال فأنت بإذن الله عارف عالم.

مخ ۶۹۵

وبقيت الخصلة التي يتم بها خلقك، وتعلو بها حكمتك: أن تعرف العمل، ومعرفة العمل أن الله تبارك وتعالى أمرك بأمر ونهاك عن نهي، فالأمر الذي أمرك به هو الطاعة، والنهي الذي نهاك عنه هو المعصية، وأنه تبارك وتعالى نهاك عما شاهدته، وأمرك بطلب ما غاب عنك(1)، وضمن لك من رزقك في دنياك بما يفنى، وأمرك بطلب ما يبقى مما غاب عنك، فعظم عند ذلك الإمتحان، فقبلت عقول العاملين لله هذه المحنة، فعظم عند ذلك الهم والخطر، ودوام الفكرة والحذر.

فانظر أن لا تكون ممن ترك المعاصي الظاهرة ولزم المعاصي الباطنة، وإياك والخدع فلا تحمدن نفسك فيما تظهر من الطاعة والنية والإرادة بشيء ليس ذلك معك؛ فتكون طاعتك معاصي، فيحل بك العقاب مع تعب البدن وكثرة المرزية، ولا تزين طاعتك بالذكر لطاعتك، وشد نيتك بالورع، واحفظ إرادتك بالمجاهدة، وليكن همك طيب النية، كما يهمك العمل في كل أحوالك، حتى تثبت معرفة ذلك عندك إن كنت تريد تعنى لها(2) وتريد نجاتها.

مخ ۶۹۶

اصول - د اسلامي متنونو لپاره څیړنیز اوزار

اصول.اي آی د اوپنITI کورپس څخه زیات له 8,000 اسلامي متونو خدمت کوي. زموږ هدف دا دی چې په اسانۍ سره یې ولولئ، لټون وکړئ، او د کلاسیکي متونو د څیړلو کولو لپاره یې آسانه کړئ. لاندې ګډون وکړئ ترڅو میاشتني تازه معلومات په زموږ د کار په اړه ترلاسه کړئ.

© ۲۰۲۴ اصول.اي آی بنسټ. ټول حقوق خوندي دي.