وبقيت الخصلة التي يتم بها خلقك، وتعلو بها حكمتك: أن تعرف العمل، ومعرفة العمل أن الله تبارك وتعالى أمرك بأمر ونهاك عن نهي، فالأمر الذي أمرك به هو الطاعة، والنهي الذي نهاك عنه هو المعصية، وأنه تبارك وتعالى نهاك عما شاهدته، وأمرك بطلب ما غاب عنك(1)، وضمن لك من رزقك في دنياك بما يفنى، وأمرك بطلب ما يبقى مما غاب عنك، فعظم عند ذلك الإمتحان، فقبلت عقول العاملين لله هذه المحنة، فعظم عند ذلك الهم والخطر، ودوام الفكرة والحذر.
فانظر أن لا تكون ممن ترك المعاصي الظاهرة ولزم المعاصي الباطنة، وإياك والخدع فلا تحمدن نفسك فيما تظهر من الطاعة والنية والإرادة بشيء ليس ذلك معك؛ فتكون طاعتك معاصي، فيحل بك العقاب مع تعب البدن وكثرة المرزية، ولا تزين طاعتك بالذكر لطاعتك، وشد نيتك بالورع، واحفظ إرادتك بالمجاهدة، وليكن همك طيب النية، كما يهمك العمل في كل أحوالك، حتى تثبت معرفة ذلك عندك إن كنت تريد تعنى لها(2) وتريد نجاتها.
مخ ۶۹۶