============================================================
من الله تعالى دون غيره ، وإن كانت بسبب مخلوقي. . فإنها لك عليه لا له عليك.
فإذن يلزم العبد الشكر على النعم المقترنة بالشدة .
وقال آخرون - وهو الأولى عند شيخنا رحمه الله تعالى - : إن شدائد الدنيا مما يلزم العبد الشكر عليها ؛ لأن تلك الشدائد نعم بالحقيقة ، بدليل أنها تعرض العبد لمنافع عظيمة ، ومثوبات جزيلة، وأعواض كريمة في العاقية، تتلاشى في جنبها مشقة هلذه الشدائد ، وأيي نعمة تكون أكبر من هلذه ؟!
ومثال ذلك : من يسقيك دواء كريها مرا لداء شديد، أو يفصذك أو يحجمك لعلة عظيمة مخوفة الخطر، فيؤدي ذلك إلى صحة النفس، وسلامة البدن، وصفوة العيش. . فيكون إيلامه إتاك بمرارة الدواء، أو جراحة الفصد والحجامة نعمة بالغة بالحقيقة، ومنة ظاهرة، وإن كان في صورته مكروها، ينفر عنه الطبع، وتستوحش منه النفس، وأنت تحمد الذي تولى منك هلذا ، بل تحسن إليه ما أمكنك : فكذلك حكم هلذه الشدائد ، أما ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم كيف حمد الله تعالى وشكره على الشدائد شكره على المسار حيث قال : 8 الحمد لله عليى ما ساء وسر"؟
أما ترى كيف يقول جل جلاله : فعسى أن تكرهوا شيعا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا}؟ وما سماه الله تعالى خيرا فهو أكثر مما يبلغه وهمك، يؤكذ هلذا القول أن النعمة ليست خبرا عن اللذة وما تشتهيه النفس بمقتضى الطبع ، وإنما هو ما يزيد في رفعة الدرجة ، ولذلك تسمى نعمة في معنى الزيادة، وإذا كانت الشدة مما تصير سببأ في زيادة شرف العيد ورفعة درجته.. فتكون نعما بالحقيقة وإن كانت تعد في الشدائد والمحن بظاهرها ، فاعلم ذلك موفقا .
فإن قلت : فالشاكر أفضل أم الصابر ؟
فاعلم : أنه قيل : إن الشاكر أفضل، بدليل قوله تعالى : { وقليل من عبادى الشكور)، فجعلهم أخص الخواص: 259
مخ ۲۵۹