فصل
[طريقة القرآن في إثبات الصانع وصفاته]
فالمقصود هنا: أنه سبحانه ضرب المثل الأعلى، وذكر القياس قياس الأولى في إثبات قدرته على الإعادة بقوله: {أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا} (¬1) فلم يقل: إنه خلق من عدم؛ بل قال: خلق ولم يكن شيئا. وهذا في غاية البيان والسلامة من الاشتباه؛ حيث أخبر: أنه خلقه بعد عدم بقوله تعالى: {ولم يك شيئا}، وأنكر أن يكون مخلوقا من غير شيء بقوله: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} (¬2) وهذا استفهام إنكار يتضمن نفي / (¬3) المستفهم عنه، والإنكار على من أثبته لظهوره وبيانه.
فتبين بذلك: أنهم لم يخلقوا من غير شيء؛ أي: من غير رب خالق خلقهم.
كما تبين: أنهم لم يخلقوا أنفسهم.
فعلم بنفس هاتين القضيتين: أنهم خلقوا من خالق خلقهم.
مخ ۴۸