كما قال: {وما بكم من نعمة فمن الله} (¬4)، وقال: {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه} (¬1)، وقال: {إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه} (¬2)، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول عند ذبح أضحيته: «اللهم منك ولك» (¬3).
وفي الصحيحين (¬4) عن جبير بن مطعم: أنه لما قدم في فداء الأسرى؛ سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور. قال: فلما سمعت قوله: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} (¬5) أحسست بفؤادي قد انصدع.
لأن هذا تقسيم حاصر ظاهر يتبين به ثبوت الخالق الصانع بأيسر تأمل؛ فإن العبد يعلم أنه لم يكن شيئا، وأنه كان بعد أن لم يكن.
ويعلم أنه لم يصنع نفسه ولم يبدعها؛ فإن العلم بامتناع هذا من أبين العلوم البديهية.
وكذلك يعلم أنه لم يكن من غير مكون، ولا حدث من غير محدث، ولا خلق من غير خالق خلقه.
والعلم بهذا أيضا من أبين العلوم البديهية؛ فتعين أن له خالقا خلقه.
مخ ۴۹