ولهذا أعرف أن بحثا جرى مع طائفة من الفضلاء الذين كنا نجالسهم في قوله {لا إله إلا الله} (¬1)، وما ذكره النحاة من أن (خبر لا) منفي لكونه معلوما، كما حذف عامل الظرف في خبر المبتدأ ونواسخه، مثل (باب إن)، و(باب كان)، و(باب ظننت)، وأن التقدير عند النحاة: لا إله في الوجود، أو لا إله كائن / (¬1)؛ فأورد بعضهم على ذلك: أنا إذا قدرنا (لا إله في الوجود)؛ ينفي مفهوم الكلام أن في العدم إلها.
فقلت لهم: العدم ليس شيء حتى يقال: فيه إله، أو ليس فيه.
وهذا ظاهر على قول أهل السنة: أن المعدوم ليس بشيء.
ومن قال: إن المعدوم شيء؛ فقد نورد هذا السؤال على أصله.
وقد يجيب عنه: بأن النزاع إنما هو المعدوم الممكن، وأما الممتنع فليس بشيء بالاتفاق، والشريك من المعدوم الممتنع، ليس من الممكن؛ فيمتنع أن يكون في العدم.
لكن يقال له: فيبقى المفهوم: أنه في المعدوم ممكن.
ولا ريب أن قول من قال: إن المعدوم شيء في الخارج قول باطل، وإنما أصله اشتباه ما في الأذهان بما في الأعيان، واشتباه الوجود العيني بالعلمي؛ وذلك أنه رأى المعدوم يتميز منه المقدور من غير المقدور، والمراد من غير المراد، والامتياز لا يعقل في النفي المحض.
فقال: لا بد أن يكون المعدوم ثابتا ليحصل فيه الامتياز، ثم علم بعقله أنه ليس بموجود؛ ففرق بين الوجود والثبوت؛ فقال: هو ثابت وليس بموجود.
مخ ۵۷