121

Manhaj Ibn Aqil al-Hanbali wa Aqwaluhu fil Tafsir Jama'an wa Dirasatan

منهج ابن عقيل الحنبلي وأقواله في التفسير جمعا ودراسة

ژانرونه

وقال الطبري: (وهذا القول أولى عندنا بالصواب؛ لإجماع الجميع على أن مريضًا لو صام شهر رمضان - وهو ممن له الإفطار في مرضه - أن صومه ذلك مجزئ عنه، ولا قضاء عليه إذا برأ من مرضه بعدة من أيام أخر، فكان معلومًا بذلك أن حكم المسافر حكمه في أن لا قضاء عليه إن صامه في سفره، لأن الذي جُعل للمسافر من الإفطار وأُمر به من قضاء عدة من أيام أخر، مثل الذي جُعل من ذلك للمريض وأُمر به من القضاء. ثم في دلالة الآية كفاية مغنية عن استشهاد شاهد على صحة ذلك بغيرها، وذلك قول الله جل ثناؤه: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة:١٨٥] فلا عسر أعظم من أن يُلزم من صامه في سفره عِدَّة من أيام أُخَر، وقد تكلف أداء فرضه في أثقل الحالين عليه حتى قضاه وأداه) (^١).
وقال ابن تيمية: (والصحيح ما عليه الأئمة، وليس في هذا الحديث ما ينافي إذنه لهم في الصيام في السفر، فإنه نفى أن يكون من البر ولم ينف أن يكون جائزًا ..) (^٢).
وتحمل أحاديث النهي الصحيحة على حالات معينة، كمن بلغ منه الصوم مثل ما بلغ من الذي قال له النبي ﷺ: " ليس من البر الصوم في السفر " فيحرم عليه لتعريضه نفسه للضرر، وما روي من أخبار فيحمل على هذا إن ثبتت، وما لا يصح فلا يضاف إلى النبي ﷺ.
قال الطبري: (وغير جائز أن يضاف إلى النبي ﷺ قِيلُ ذلك؛ لأن الأخبار التي جاءت بذلك عن رسول الله ﷺ واهية الأسانيد لا يجوز الاحتجاج بها في الدين) (^٣).
وعلى هذا فكلام ابن عقيل في التقدير هو الصحيح والله تعالى أعلم.
المسألة الثانية:

(^١) جامع البيان ٣/ ٢١٣.
(^٢) مجموع الفتاوى ٢٢/ ٢٨٧.
(^٣) جامع البيان ٣/ ٢١٧.

1 / 121