خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
خپرندوی
دار صادر
د خپرونکي ځای
بيروت
وَغير ذَلِك وَكَانَت لوائح الْعلم ظَاهِرَة عَلَيْهِ من صغره حَتَّى إِن عَم والدته السَّيِّد الْوَلِيّ الشهير أَحْمد بن عمر الأهدل كَانَ يلقبه بالفقيه الْعَالم يُشبههُ بجده الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى أبي بكر بن أبي الْقَاسِم وسكنه المحط من أَعمال رمع وَله بهَا الزاوية الْمَشْهُورَة ترْجم نَفسه فِي كِتَابه نفحة المندل فَقَالَ كَانَ مولدِي لنَحْو أَربع وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة تَقْرِيبًا بقرية صَغِيرَة بَين المراوعة والحوطة وَغَرْبِيٌّ القطيع تعرف بالحلة بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد اللَّام وَهِي غير حلَّة بصل بِفَتْح الْمُوَحدَة والمهملة إِذْ هما حلتان هُنَاكَ والمنسوبة لبصل هِيَ اليمانية والمولد بالشامية وَهُنَاكَ قُبُور أجدادي ثمَّ انْتقل بِنَا الْوَالِد مِنْهَا فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة إِلَى قَرْيَة السَّلامَة الْمَعْرُوفَة قبلي التربية فتعلمت بهَا الْقُرْآن الْعَظِيم وحفظت على يَد الشَّيْخ الصَّالح أَحْمد بن إِبْرَاهِيم المزجاجي الْمَعْرُوف بِالْخَيرِ وَلما أكملت تعلم الْقُرْآن أَمرنِي الْوَالِد بتعليم إخوتي فاشتغلت بتعليمهم مَعَ غَيرهم فِي عَرِيش عِنْد مَسْجِدنَا مُدَّة مواظبًا على تَرْتِيب قِرَاءَة الْقُرْآن فِي الْمَسْجِد كل يَوْم بعد صَلَاة الصُّبْح إِلَى الْإِشْرَاق وكل لَيْلَة جُمُعَة أَنا وَمن حضر عِنْدِي بِإِشَارَة الْوَالِد أَيْضا وملاحظته إِذْ كَانَ لَهُ رَغْبَة قَوِيَّة وهمة علية فِي ذَلِك وَغَيره من أَعمال الْبر وَكَثِيرًا مَا كَانَ يجلس فِي حَلقَة الْقِرَاءَة وَالذكر فِي مَسْجِد مَعَ أُميَّة حَتَّى عمل مسبحة ألفية يهلل فِيهَا هُوَ وَمن حضر مِمَّن لَا يقْرَأ لَيْلَة الْجُمُعَة وألهمت كِتَابَة مَا وَقع فِي يَدي من نَحْو الْقَصَص والقصائد حَتَّى اتسقام خطي وَصلح للتحصيل ثمَّ أدخلني وَالِدي مَدِينَة زبيد لطلب الْعلم فَكَانَ أول طلبي فِي الْفِقْه على الْفَقِيه مُحَمَّد ابْن الْعَبَّاس الْمُهَذّب وَفِي النَّحْو على مُحَمَّد بن يحيى المطيب ثمَّ إِن الْوَالِد أَرَادَ تزويجي فَلم يمكني إِلَّا مساعدته مَعَ مَا ذقته من لَذَّة الْعلم فَلَمَّا تزوجت اشْتغل خاطري بِأَمْر الزَّوْجَة ومراعاة حُقُوقهَا الْوَاجِبَة إِذْ لم أكف أمرهَا وَلَا أَمر الْإِقَامَة للطلب بزبيد كَمَا كنت قبل التَّزْوِيج فاشتغلت عَن الطّلب نَحْو سِتّ سِنِين لكني فِي هَذِه الْمدَّة لم أترك التَّحْصِيل وَالتَّعْلِيق والمطالعة ومذاكرة من أَلْقَاهُ من الطّلبَة لما قد تمكن فِي قلبِي من محبَّة الْعلم وَكَانَ تزويجي فِي سنة ألف ثمَّ أخدت بناصيتي إِلَى تَجْدِيد الطّلب بباعث رباني فَقَرَأت على مُحَمَّد بن برهَان الْمحلي ثمَّ قصدت زبيد أَيْضا للْقِرَاءَة فَقَرَأت على عَليّ بن الْعَبَّاس المطيب صنو شَيخنَا الْمُقدم ذكره وعَلى أَحْمد النَّاشِرِيّ وَإِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد جعمان وعَلى الصّديق بن مُحَمَّد الْخَاص الْحَنَفِيّ وَأحمد بن شَيخنَا الْجمال مُحَمَّد المطيب وَعبد الْبَاقِي بن عبد الله الْعَدنِي وَعلي الزين بن الصّديق
1 / 65