قال المفسرون: فقد تضمنت هذه الآية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكما أن الله -تعالى- وحزبه يأمرون بالعدل والإحسان فالشيطان وحزبه يأمرون (بالفحشاء والمنكر) كما قال -تعالى-: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ...﴾ والله أعلم.
فصل -١٧ -: دليل وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنه فرض عين في حدود القدر المستطاع
وأما قوله -سبحانه-: ﴿ولولا دفع الله النَّاس بعضهم ببعضٍ لهدَّمت صوامع وبيعٌ وصلواتٌ ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرًا ولينصرنَّ الله من ينصره إنَّ الله لقويٌ عزيزٌ الَّذين إن مكَّنَّاهم في الأرض أقاموا الصَّلاة وآتوا الزَّكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور﴾.
قال المفسرون: في الآية الكريمة تحريض على القتال المأذون فيه وأجرى الله العادة في الأمم الماضية بذلك، بأن ينتظم به الأمر وتقوم به الشرائع وتصان المتعبدات من الهدم وأهلها من القتل، فلولا القتال لتغلب على الحق في كل أمة. كما قال في الآية الأخرى: ﴿ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ...﴾.
قال مجاهد: ولولا دفع الله ظلم قوم بشهادات العدول ونحو هذا.
وقال قوم: دفع الظلمة بعدل الولاة.
وقال قوم: دفع العذاب بدعاء الأخيار.
وقيل: بالقصاص عن النفوس.
وقيل: بالنبيين عن المؤمنين.
وقال بعض العارفين: يتجاوز -سبحانه- عن الأصاغر لقدر الأكابر ويعفو عن العوام الاحترام للكرام، وتلك سنة أجراها الله -سبحانه- لاستيفاء منازل العبادة، واستصفاء مناهل العرفان، ولا تحويل لسنته، ولا تبديل لكريم عادته.
1 / 60