وإذا كان التشيع ليس مجرد نصرة مع حياته؛ وإنما هو مذهب عقائدي، فقد جاءت هذه العقائد رد فعل لآراء الخوارج، ذلك أن الخوارج هم أول من أثاروا مشكلة الإمامة على مستوى المبادئ لا الأشخاص، فقد انشقوا على علي عليه السلام عن عقيدة اعتنقوها، لقد أعلنوا أن (لا حكم إلا لله) حيث اتهموا عليا أنه حكم هواه في التحكيم فأعلن الشيعة عصمة الإمام ووجوب موالاته، لقد كفره الخوارج ونزهته الشيعة، لقد أعلن الخوارج أن الإمامة غير مقتصرة على قريش أو على العرب بينما أعلن الشيعة النص على علي عليه السلام وعلى الإمامة في ذريته، أقاموا مبدأ (الوصية بالنص الإلهية) في مقابل النظرية الجمهورية في الحكم التي أعلنها الخوارج لأول مرة في تاريخ الإسلام.
وإذا تجاوزنا شخص الإمام إلى مفهوم الإمامة لدى كل فريق فسنجد أن الخوارج (أهل السنة) يرون أن خليفة رسول الله إنما يخلفه في سلطته الزمنية دون الروحية مع اعتبار تعذر الفصل التام بين السلطتين في الفكر الإسلامي.
في أول خطبة لأبي بكر بعد مبايعته خليفة صرح بأن لا يطلب الناس منه ما كانوا يطلبونه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي عصمه الله بالوحي وأيده به، وإنما هو يخطئ ويصيب وعليهم إن أخطأ أن يقوموه.
أما الشيعة فيؤمنون أن الإمامة إرث الأنبياء، وأن الإمام بمنزلة النبي في كل شيء باستثناء الوحي والكتاب.
وانعكس الخلاف حول مفهوم الخلافة أو الإمامة على تقييم سلطة الرسول السياسية، هل كانت أحكامه السياسية عن وحي يوحى أم كانت أحكامه اجتهادية؟.
مخ ۲۰