فقد قال ديمقراطيس: إن بالاصطلاح يقال اللون، وبالاصطلاح يقال الحلو، وبالاصطلاح يقال المر. وأما الشىء بالحقيقة فإنما هو الجرم الذى لا يتجزأ، والخلاء.
وهو يظن أن جميع الكيفيات المحسوسة إنما تكون من اجتماع الأجزاء التى لا يتجزأ عند من يحسها، وليس شىء من الأشياء هو فى طبعه أبيض، ولا أسود، ولا أحمر، ولا أصفر، ولا مر، ولا حلو.
فإن هذا معناه فى قوله «بالاصطلاح» كأنه قال: فيما يخيل إلينا، وعند حس الذى يحسها، لا فى نفس طبائع الأمور، وهو الأمر الذى سماه الشىء بالحقيقة، حتى تكون جملة معناه فى قوله هذا المعنى الذى أنا واصفه.
وهو أنه قد يظن الناس بشىء من الأشياء أنه أبيض، وبشىء أنه أسود، وبشىء أنه مر، وبشىء أنه حلو، وسائر ما أشبه ذلك، والشىء بالحقيقة إنما هو الواحد، وعدمه.
فإن هذا أيضا مما قد قاله ديمقراطيس، فسمى الأجرام التى لا تتجزأ شيئا واحدا، لأنها كلها عنده فى صورة واحدة. وسمى الخلاء عدم الواحد، لأنه ولا واحد من الموجود.
مخ ۱۶