ومن أشياع هذين، وأهل طبقتهما أيضا القوم الذين ادعوا أن الاستقصات هى أجرام فى غاية القلة، لا يكون أقل منها، أو أجزاء لا تتصل، أو أجرام لا أجزاء لها.
فقصد أبقراط قصد جميع هؤلاء، فنقض أقاويلهم بقول عام مشترك، بين به أنه ليس قوام الأشياء من اسطقس هو شىء واحد فى صورته، وقوته.
وألغى ذكر من ادعى أن الموجود كله واحد فى العدد أيضا، فلم يذكرهم ذكرا أصلا، لأنه رأى أنهم فى حد المجانين الذين هم فى غاية الجنون.
فلننظر فى القياس الذى استعمله فى بيان ما قصد له من ذلك، ومناقضته لمن ادعى أن قوام الأشياء من اسطقس واحد فى الطبع، هل جرى على طريق الصواب شاءوا أن يسموا ذلك الاسطقس جرما لا يتجزأ، أو جرما لا يتصل، أو جرما لا يكون أقل منه، أو جرما لا أجزاء له.
وذلك أنا إن نقضنا الأمر العام المشترك بين أهل هذه الفرق كلها، لم نحتج إلى القصد إلى الاختلاف بينهم.
والأمر العام المشترك بين جميعهم أنهم وصفوا أن قوام الأشياء كلها من اسطقس واحد، أولى، معرى من الكيفيات، لا بياض له بالطبع، ولا سواد، ولا لون أصلا، ولا حلاوة، ولا مرارة، ولا حرارة، ولا برودة، ولا شىء أصلا من غير ذلك من الكيفيات.
مخ ۱۵