وقد ينبغى لنا أن نفعل فى هذا القول كما فعلنا فى القول المتقدم، فتبين أن الثانى لازم للقبول، وأنه قد أحسن فى أخذ ضد الثانى، فنجعل ذلك شرحا، وتبيينا لهذا القول.
وقد بينا فيما تقدم قبل هذا القول من الأقاويل أنه لو كان الإنسان شيئا واحدا، لما كان يألم.
ومن أبلغ ما يتبين لك به أنه لو أنزلنا أنه كان يألم، لكان ينبغى أن يكون طريق شفائه طريقا واحدا، أن نتفكر فى أن الشىء الذى يألم، وألمه ليس من شىء سواه، فقد بقى أن يكون ألمه من طبيعته التى تخصه.
وإذا كانت طبيعة كل واحد من الأشياء التى تخصه طبيعة واحدة، فواجب أن يكون ألمه ألما واحدا، أو يلزمه لا محالة أن تكون عودته إلى حاله الطبيعية عودة واحدة. وعودته إلى حاله الطبيعية هى شفاؤه، فيجب من ذلك أن يكون شفاء الشىء الذى يألم من تلقاء نفسه شفاء واحدا، والشىء الذى يشفيه شيئا واحدا.
وليست بى حاجة إلى إن أقول أن جميع هذه المقدمات التى وضعت فى هذا القول باطل، لكنها تلزم المقدمة التى وضعت أولا.
مخ ۴۰