وأنا أقول: إنه لو كانت فى جميع الأجرام التى لا تتجزأ غريزة حسن، لكنها لا تحتمل أن تنثقب، ولا تقبل التأثير أصلا، وكان حدوث اللحم منها إنما هو من اشتباكها ببعضها ببعض، لما كان ينتفع بذلك من حالها فى حدوث الألم عند إدخال الإبرة فى اللحم.
وذلك أنه كما أنك إذا جمعت اصبعين من أصابعك، فشبكت الواحدة منهما بالأخرى، ثم رمت أن تفرق بينهما، لم يحدث لك وجع من تفرقهما، على أن معهما من الحس ما معهما.
كذلك إن فرقت الإبرة، وباعدت بين جرمين غير متجزئين، ثم لم يجرح ولا واحد منهما. فواجب أن لا يحدث للحيوان عن تلك التفرقة بين ذينك الجرمين ألم أصلا.
وإلا فليرونا جسمين من الأجسام الحساسة، أى جسمين شاءوا، قد جمعا، وشبك أحدهما بالآخر، ثم فرق ما بينهما، فحدث عن التفرقة بينهما وجع. وليس يقدرون أن يرونا ذلك فى العيان.
وإذا نظرنا بطريق القياس، وجدنا أن ذلك من أحوال المحال كله.
مخ ۲۳