232

حکمت غرب

حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي

ژانرونه

الذي كان مثل ماخ، أستاذا في جامعة فيينا، ولذا أطلق على المجموعة التي كان يتزعمها اسم «حلقة فيينا» وأصبحت فلسفتهم تعرف باسم الوضعية المنطقية.

كان هذا المذهب، كما يدل اسمه، وضعيا في المقام الأول؛ فهو يرى أن العلم هو الذي يزودنا بمجموع معارفنا، وأن الميتافيزيقا بنمطها التقليدي، هي ثرثرة لفظية فارغة، فليس ثمة ما يمكن معرفته وراء التجربة. وفي هذا نجد بعض التشابه بينهم وبين أفكار كانت، إذا حذفنا منها الشيء في ذاته، ويقترن تأكيدهم للملاحظة التجريبية بالأخذ بمعيار للمعنى يرتبط إلى حد ما بالبرجماتية التي يطلقها العالم في مختبره خلال عمله اليومي. ويتمثل هذا المعيار في مبدأ مشهور هو مبدأ قابلية التحقيق، الذي يذهب إلى أن معنى القضية هو طريقة تحقيقها، وهذا المعني مستمد من ماخ، الذي طبق هذه الطريقة ذاتها في تعريف الألفاظ المستخدمة في الميكانيكا.

على أن الحركة الوضعية المنطقية التي بدأت في فيينا لم تستمر في المكان الذي ظهرت فيه؛ فقد قتل شليك في عام 1936م على يد واحد من تلاميذه، ووجد بقية أعضاء المدرسة لزاما عليهم أن يستقروا في مكان آخر بسبب القيود التي فرضها الاحتلال النازي، ولم يمض وقت طويل حتى رحلوا جميعا إلى أمريكا أو إنجلترا، وهكذا فإن كارناب

R. Carnap

قد توفي في لوس أنجلوس عام 1970م وفايسمان

Waissmann

في أكسفورد عام 1959م.

وتمشيا مع الاتجاه العام إلى التوحيد في لغة العلم، بدأت الحركة قبل الحرب العالمية الثانية مباشرة في نشر أول بحث من السلسلة التي أصبحت تعرف باسم «موسوعة العلم الموحد»، وهي تنشر في مطبعة جامعة شيكاغو. وقد توفي أول رئيس تحرير لها، وهو أوتو نويرات

O. Neurath

بأكسفورد عام 1945م. وهكذا أعيد غرس الوضعية المنطقية من تربتها الأصلية إلى البلدان الناطقة بالإنجليزية، حيث ارتبطت مرة أخرى بالتراث القديم للتجريبية الإنجليزية، التي تدين لها بوجودها إلى حد ما. وكان أول ما لفت الأنظار إلى الوضعية المنطقية على نطاق واسع في إنجلترا هو كتاب آير

ناپیژندل شوی مخ