78

هوا جديده

حواء الجديدة

ژانرونه

للمعارضين في الدفاع عن الفتاة أو المرأة الساقطة، ومحاولة إصلاحها الرفق بها، والصفح عنها، حجج كثيرة تنحصر غالبا في ثلاث:

الأولى:

أنها بنت حواء أغوت آدم كما جاء في سفر التكوين من كتاب التوراة، فالإغواء من طبعها وهو جار في نفسها مجرى الدم في عروقها.

والثانية:

أن الفساد تملك قلبها، واستأثر بكل جوارحها وعواطفها «فلا يصلح العطار ما أفسد الدهر»، والطبع أغلب والزجاج المكسور لا يشعب، ومحاولة إصلاحها مجازفة قلما يسلم منها المخاطر؛ لأنه يتعرض فيها لخطر إفسادها له؛ لأنها كمشرف على الغرق يأخذ بعنق من يحاول إنقاذه ويغرقه معه.

والثالثة:

لأنها فرطت في الاحتفاظ بطهرها وعفافها، وأفرطت في مطاوعة هواها فلتلق جزاء ما قدمته يداها «وعلى نفسها جنت براقش»، وكفى بالتشديد في عقابها نفعا أنه يكون عبرة وذكرى لغيرها من بنات حواء؛ فيصن أنفسهن عن الابتذال، وينكبن عن الزيغ في متايه الغي والضلال.

ولننظر الآن في كل من هذه الحجج على حدة:

فالأولى - وهي شديدة الشيوع بين معظم أبناء آدم، وكثيرة الدوران في ألسنتهم - نراها لأول وهلة واضحة البطلان واهية البنيان، وأحر برواية الكتاب المقدس عن سقوط الإنسان الأول أن تكون حجة للمرأة لا عليها؛ لأننا من مطالعتها نرى جليا أن حواء أغويت قبل أن تغوي، والمغوي الأول إنما هو الحية أو إبليس، إذن تلقيبها بأم الإغواء افتئات وافتراء، والحق كل الحق أن تلقب بأم المغويات؛ «لأنها أغويت أولا» كما قال بولس الرسول، ومن ذلك الحين إلى الأبد نرى بناتها المنكودات الحظ يغوين كما أغويت أمهن، حواء أغواها شيطان رجيم بصورة حية، وبناتها يغويهن كل يوم شياطين إثم وفساد، وغدر وخيانة ونذالة، بصور ملائكة طهر وصلاح، وأمانة ووفاء وعزة نفس وإباء؟

ولماذا أغواها الشيطان أولا ولم يغو آدم قبلها؟ لأنه وجدها أضعف من رجلها جانبا، فكان مثله مثل القائد المحنك الذي يتخير من حصون عدوه ما كان أقل مناعة، فوجه هجومه إليه طمعا في سهولة الاستيلاء عليه.

ناپیژندل شوی مخ