70

هوا جديده

حواء الجديدة

ژانرونه

أما موريس فكان حينئذ واقفا منحني الهامة مكتوف اليدين خاشعا، وفانتين واقفة عند قدمي سيدتها تلتقم منديلها.

ثم قعد المسيو ماتون حيثما كنت قاعدا، أي: قرب رأس شقيقته، وماري قعدت حيث كان موريس، أي: قرب صدر أمها، وكان سكوت نحو دقيقتين وإيفون مغرورقة العينين مطبقة الجفنين، ثم فتحت عينيها فوقع نظرها على ماري، فقالت بصوت خافت جدا لا يكاد يسمع: «هل عوقبت بذنبي يا فلذة كبدي، لقد كفرت أعظم كفارة عنه لموريس، فغسل إثمي بدموعه ومحا عاري بحبه»، فأعطيه يدك يا ماري، إن موريس طيب القلب جدا ويحبك كما أحبني.

فنزفت عيوننا حينئذ آخر ما فيها من الدموع، ثم استعادت إيفون قوة من عالم الأرواح، وقالت بصوت مرتفع قليلا مرتجف: «موريس لم لا تتقدم إلى ماري فتعطيك يدها؟» فأسرع موريس وتناول يد إيفون بيمناه ويد ماري بيسراه، وجعل يقبلهما الواحدة بعد الأخرى ويمرغ وجهه بهما.

ثم التفتت إيفون بكل عناء إلى أخيها المسيو ماتون، وقالت له: «هل غفرت لي يا أخي جوزف؟» فأجابها: «إني أقضي بقية شيخوختي يا أختي جوزفين أكفر عن ذنبي لك، فبأي كفارة أستطيع ذلك؟»

فأجابت: «بأن تحب موريس؛ لأنه هو الوحيد الذي أحب نفسي الطاهرة، وتغاضى عن جسدي الدنس. وأنت يا ماري هل صفحت عن موريس؟»

فأجابت ماري والحياء يصبغ وجنتيها: إني أحبه يا أماه؛ لأنه أحبك. - وهل تحبين فانتين؟ - فانتين أختي؛ لأنها خدمتك خدمة البنت لأمها. - أتزورين معهما قبري؟

فاسترسلت ماري بالبكاء، ووضعت وجهها على صدر أمها وقالت: لن تفارقينا يا أماه، إنك ستشفين، نستوهب الله الجواد روحك بصلاتنا الحارة ودموعنا السخينة.

وعند ذلك كانت كل قوة في إيفون قد نفدت، وكل عزيمة قد تلاشت فأطبقت جفنيها ووجهها يهل بشاشة وبشرا، وكنا كلنا سكوتا حولها نتوقع بكل أسى صوت ملاك الله يقرع باب حياتها؛ لينقل روحها إلى العالم الثاني السعيد، وبعد برهة قصيرة فتحت عينيها ونادت أخاها المسيو ماتون قائلة: أخي جوزف، إني مائتة لا محالة، فاستدع لي الطبيب الروحي؛ لكي يداوي نفسي قبل رحيلها.

وفي الحال أرسلنا الخادم ليستدعي قسيسا، وفي نصف ساعة كان القسيس الشيخ جالسا إلى سريرها، فأفاقت له في الحال وطلبت إليه أن «يمشحها»، استأذننا القسيس عندئذ أن نخلي له المكان؛ لكي يعرفها فخرجنا والحزن ملء أفئدتنا، وبعد نحو ربع ساعة صفق القسيس، فدخلت في مقدمة الكل فوجدتها والنوبة تهاجمها والقسيس يصلي ذارفا عبراته، وهي تحاول أن تقول: «إلهي، إلهي»، فتفطرت قلوبنا لمنظرها وهي تمزق قميصها عن بدنها، وبعد بضع دقائق كانت تقاوم فيها ملاك الموت طرحت ذراعيها على جنبيها معياة، وكنت إلى جنبها فجسست نبضها فوجدته ينبض متلاشيا، وبعد هنيهة سكن، فهمست للمسيو ماتون أنها قضت، فاسترسل الكل بالبكاء والقسيس من الجملة، وهي أول مرة رأينا قسيسا يبكي ميتا، كما أنهم رأوا طبيبا يبكيه أيضا، عند ذلك قال القسيس: عاشت خاطئة وماتت بارة، وكانت شقية والآن سعيدة. •••

في اليوم التالي شيعت جثة إيفون بمأتم بسيط جدا لم يمش فيه سوانا، وموريس ابتنى لها ضريحا فخما، وهو وماري زوجته يزورانه كل أسبوع مرة، وينثران عليه الدموع والأزهار إلى الآن.

ناپیژندل شوی مخ